للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا قَوْلانِ.

قوله: (أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا) ليس من تمام مسألة الهرة؛ وإنما هي مسألة ثالثة في أكل الطعام المحلوف على أكله بعد فساده، والقَوْلانِ فيها عن ابن القاسم في رسم إن أمكنني من سماع عيسى، وذكر اللخمي فيها عن مالك: الحنث، وعن سحنون: البر، واختار الحنث لوجهين:

أحدهما: حمله على العادة، والعادة أن يؤكل غير فاسد.

والثاني: أنه إذا فسد ذهب بعضه، ومن حلف على شيءٍ ليأكلنه لَمْ يبر إلا بأكل جميعه، فإن كان خبزاً رطباً فيبس فذلك أخف؛ لأن جميعه موجود.

إِلا أَنْ تَتَوَانَى، وفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لا كَسَوْتُهُمَا ونِيَّتُهُ الْجَمْعُ واسْتُشْكِلَ.

قوله: (إِلا أَنْ تَتَوَانَى) أي إلا أن تتراخى المرأة في قبولها من الزوج حتى خطفتها الهرة. قال في سماع أبي زيد من كتاب: الأيمان بالطلاق: وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحرزها دون الهرة فعلت فهو حانث (١).

[فصل في النذر]

النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ ولَوْ غَضْبَانَ، وإِنْ قَالَ إِلا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْراً مِنْهُ، بِخِلافِ إِنْ شَاءَ فُلانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ، وإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ كَللهِ عَلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ، ونُدِبَ الْمُطْلَقُ، وكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ، ولَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لا غَيْرُ، وصِيَامٌ بِثَغْرٍ، وثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ إِلا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ بِمَا لِي فِي كَسَبِيلِ اللهِ وهُوَ الْجِهَادُ، والرِّبَاطُ بِمَحَلٍّ خِيفَ وأُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ إِلا لِتَصَدُّقِهِ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ، وكَرَّرَ إِنْ أَخْرَجَ، وإِلا فقَوْلانِ.

قوله: (إِلا لِتَصَدُّقِهِ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ) الضمير في به للمال، وهذا الفرع في " النوادر " و " النكت "، ولهما عزاه أبو الحسن الصغير وتبعه في " التوضيح "، وفي بعض النسخ: (كتصدق) بالكاف فيدخل تحت الكاف من نذر صدقة ماله، فظنّ لزوم جميعه،


(١) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ٦/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>