للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب القذف]

قَذْفُ الْمُكَلَّفِ حُرَّاً مُسْلِماً، بِنَفْيِ نَسَبٍ، عَنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ، لا أُمٍّ، ولا إِنْ نُبِذَ.

قوله: (وَلا إِنْ نُبِذَ) الذي فِي آخر سماع ابن القاسم: سئل مالك عَن منبوذ افتري عَلَيْهِ فقيل له: يا ابن الزانية؟ فقال: أرى أن يعذر بإذايته (١) إياه، ولا حدّ عَلَى من افترى عَلَيْهِ.

قال ابن رشد: إنما لَمْ ير الحدّ عَلَى من قال لمنبوذ: يابن الزانية من أجل أن أمّه لا تعرف، ولا حدّ عَلَى من قذف مجهولاً لا يعرف، وكذلك لَو قال له: يابن الزاني. لَمْ يحدّ إذ لا يعرف أبوه، وكذلك قال ابن حبيب فِي " الواضحة ": أنّه لا حدّ عَلَى من قذف منبوذاً بأمه أَو بأبيه، وهو معنى قوله فِي هذه الرواية: ولا حدّ عَلَى من افترى عَلَيْهِ.

وأما لَو قال له: يا ولد زنا؛ لوجب عَلَيْهِ الحد؛ لاحتمال أن يكون لرِشدة (٢)، وإِن كَانَ قد نبذ، وأما اللقيط والمحمول (٣) فيحدّ من قذفه بأبيه وأمه، قاله ابن حبيب فِي " الواضحة ". انتهى (٤).

وانظر الفرق بين المنبوذ واللقيط فِي آخر العتق الثاني من " التنبيهات ". وقال ابن عبد السلام: فِي قول ابن الحاجب: أَو النفي عَن الأبّ أَو الحدّ لغير المحمول (٥): اللام فِي لغير المحمول متعلقة بالنفي، وهو بالحاء المهملة والميم بعدها، وكأنّه زيادة بيان؛ لأن المحمولين لا تعلم صحة أنسابهم إِلَى آبائهم المعينين بدليل أنهم لا يتوارثون بذلك، فإذا لَمْ تعلم آباؤهم، فمن نفى أحداً (٦) منهم عَن بنوة فلان مثلاً لَمْ يتحقق أنّه قطعه عَن نسبه فلم يقذفه، فلا يحتاج إِلَى هذه الزيادة. انتهى.


(١) في (ن ١): (بأذاه).
(٢) في (ن ١): (له شدة).
(٣) في (ن ٣): (الحميل)، وفي البيان: (المجهول) وشرح المؤلف للمسألة يشي بخطئه.
(٤) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ١٦/ ٢٨٧.
(٥) الذي عند ابن الحاجب: (المجهول)، ولعل نسخة المؤلف، ونسخة المصنف في شرحه لمختصر ابن الحاجب، فيها: (المحمول) وهذا ما تفيده عبارة المؤلف في شرح المسألة.
(٦) في (ن ١)، و (ن ٣): (واحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>