للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الشهادة]

أقول - وبالله تعالى التوفيق - ذكر القرافي فِي الفرق الأول من قواعده أنّه أقام نحو ثماني سنين يطلب الفرق بين الشهادة والرواية (١)، إِلَى أَن ظفر بقول المازري فِي " شرح البرهان ": " هما خبران، غير أَن المخبر عنه إِن كَانَ أمراً عاماً لا يختصّ بمعين فهو الرواية (٢)؛ كقوله عَلَيْهِ السلام: " الأعمال بالنيات " (٣) أَو الشفعة فيما لم (٤) ينقسم لا يختصّ بشخصٍ معين بل ذلك عَلَى جميع الخلق فِي جميع الأعصار والأمصار، بِخِلاف قول العدل عند الحاكم: لهذا عند هذا دينار، إلزام لمعين لا يتعداه لغيره فهذا شأن الشهادة المحضة، والأول هو الرواية (٥) المحضة. ثمّ تجتمع الشوائب بعد ذلك. فناقشه أبو القاسم ابن الشاط السبتي وابن عرفة وبعض شيوخ بلده، فأما ابن الشاط فقال: لَمْ يقتصر الإمام فِي مفتتح كلامه الذي نقل منه الشهاب [على التفريق] (٦) بالعموم والخصوص، ولكنّه ذكر مَعَ الخصوص قيداً آخر وهو إمكان الترافع إِلَى الحكام والتخاصم وطلب فصل القضاء (٧)، ثم اقتصر فِي مختتم كلامه عَلَى ذكر الخصوص والعموم، والأَصَحّ اعتبار القيد المذكور، ويتضح ذلك بتقسيم حاصر وهو أَن الخبر إما أَن يقصد بِهِ أَن يترتب عَلَيْهِ فصل قضاءٍ وإبرام حكم وإمضاؤه، أَو لا؟ فإن قصد بِهِ ذلك فهو [الشهادة وإِن لَمْ يقصد بِهِ ذلك، فإما أَن يقصد بِهِ


(١) في (ن ٣): (والرؤية).
(٢) في (ن ٣): (الرؤية).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (١)، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . بلفظ: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ثم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ".
(٤) في (ن ٢): (لا).
(٥) في (ن ٣): (الرؤية).
(٦) في (ن ٢): (بالتفريق).
(٧) في (ن ٢): (القضاه)، وفي (ن ٣): (الحاكم).

<<  <  ج: ص:  >  >>