ومن البيّن أنه لابد أن يستثني مما ذكر أنه لا يعتبره مفهوم الوصف الكائن في التعريفات؛ فإنها فصول أو خواص يؤتى بها للإدخال والإخراج؛ ليطّرد المعرف ينعكس، ولا مرية أن الماهية المحكوم عليها بالحكم تنعدم بانعدام جميع أجزائها أو بعضها، فينعدم الحكم، وهذا موجود في كلامه وفي بعض الحواشي، وأظنّها مما قُيد عن: الشيخ أبي عبد الله محمد بن عمر بن الفتوح، يعتبر المصنف مفهوم الشرط لزوماً، ويعتبر غيره من المفاهيم جوازاً، يظهر ذلك بتأمل كلامه. انتهى. وقبله شيخنا العلاّمة أبو عبد الله القوري رحمه الله.
قلت: وإنما يحتاج لهذا فيما وصفُه بصفةٍ مثلاً، ولم يصرح بحكم ما خلا من تلك الصفة، وأما إذا صرح بحكم الخالي منها فلم يقنع بالمفهوم كقوله:(وإن بدهن لاصق)، ثم صرّح في مقابله بحكم غير الملاصق قائلاً:(كدهن خالط)، وهو كثير في كلامه.
وها هنا وجه إذ تم وسلم كان رقيق الحواشي، وهو أن يكون أراد باعتبار مفهوم الشرط اعتباراً خاصاً، زائداً على ما تقتضيه مفهومات الأوضاع اللغوية، بحيث ينزل مفهوم الشرط دون غيره منزلة المنصوص، فتنصرف إليه القيود والاستثناءات ونحوها، انصرافها للمنطوقات الملفوظ بها، وإذا حمل على هذا انحلّت به معضلات كثيرة في كلامه كقوله في باب: الجهاد: (وفِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ ولَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا)، وقد تكلّمنا على بعضها في محالّها.
قوله:(وأُشِيرَ بِصُحِّحَ أَوِ اسْتُحْسِنَ إِلَى أَنَّ شَيْخاً غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ صَحَّحَ هَذَا أَوِ اسْتَظْهَرَهُ) أي: يشير إلى غير الأربعة المذكورين بلفظ (صُحِحَ) أو (اسُتحسن) مبنيين للمفعول، لقصده عدم التعيين؛ ولذا نكّر (شيخاً)، والأقرب إلى الحقيقة أن التصحيح فيما يصححه الشيخ من كلام غيره، والاستحسان فيما يراه، مع احتمال الشمول فيهما، وقد يعبّر بالوصف كـ (الأصح) و (الصحيح) و (الأحسن).