للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلك لا يزيل حكم النجاسة، ومن قال إنه يرفع حكم النجاسة؛ فلضعف (١) أمرها إذ تزول بغير نية، وإذ ليس إزالتها بفرض مع اختلاف الناس فِي المضاف هل تجزيء به الطهارة للحدث؟

وقد نقل ذلك أبو الحسن الصغير عند قوله فِي الكتاب: ولا يزيل النجاسة من الثوب والبدن إلا الماء، وكره مالك لمن فِي فمه قطرة من دم أن ينزعه بفيه ويمجّه، بل لَمْ يعرف ذلك الإمام ابن عرفة من نقل ابن يونس ولا غيره (٢) ممن قبل ابن بشير فقال: وقول ابن بشير فِي طهورية النجس يزول تغيّره بلا نزح: قَوْلانِ، لا أعرفه، فنفى وجدان القولين معاً فِي المذهب، وإن كان لا يلزم من عدم الوجدان عدم الوجود.

ولا يلتفت لما حكى الشيخ أبو زيد الثعالبي من ردّ بعضهم عَلَى ابن عرفة بقول ابن يونس؛ لأن الرادّ مقلدٌ لخليل فِي نقله كالشارح. نعم أغفل ابن عرفة ما ذكر ابن رشد فِي رسم النسمة (٣) من سماع عيسى (٤) قال: روى ابن وهب وابن أبي أويس عن مالك فِي جباب تحفر بالمغرب، فتسقط فيها الميتة فيتغير لون الماء وريحه ثم يطيب الماء بعد ذلك؟ أنه لا بأس به، ظاهره بلا نزح؛ عَلَى أنه ذكر أن أبا محمد جهَّل بعضهم فِي قوله فِي ماجل (٥) قليل الماء وقعت فيه فأرة: يطين (٦) حتى يكثر ماؤه فيشرب.

قال: فإن فعل شرب وهذا مما زال بكثرة مطلق، وقد كان صاحبنا الفقيه المحصل أبو العباس أحمد الونشريسي - حفظه الله تعالى - لما بلغه عني هذا التعقب أتاني بجزءٍ من وضع الإمام العلامة أبي عبد الله بن مرزوق عَلَى هذا المختصر، استخرجه من خزانة من هو به


(١) في الأصل: (فليضعف).
(٢) في (ن ٣): (قبله).
(٣) في (ن ١)، و (ن ٢): (القسمة) والمثبت هو الموافق لما في السماع المذكور في البيان والتحصيل، لابن رشد: ١/ ١٥٩.
(٤) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٤).
(٥) الماجِلٌ: يتخذ كالحوض الواسع عند مخرج القناة يجتمع فيها الماء، ثم يتفجر منها إِلى المزرعة، والماجِلُ: الماء الكثير المجتمع، والمعنى الأول كونه حوضاً هو مقصود المؤلف. انظر: لسان العرب، لابن منظور: ٣/ ٣٨، و١١/ ٦١٦.
(٦) في (ن ٢): (يصير).

<<  <  ج: ص:  >  >>