للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتشبيه لإفادة حكم فِي فرع آخر، هذا أمثل ما انقدح لي فِي الوقت فِي تمشيته، مَعَ أن كلام مُطرِّف ينبوا عن هذا المحمل، عَلَى أنه لا يرفع الإشكال بالكلية، بل يبقى فيه من المناقشة أن يقال: هذا ينتج أن الإفطار لعزيمة الوالدين والشيخ ليس بحرام؛ وإِذَا لَمْ يكن حراماً فلا قضاء عَلَيْهِ عملاً بقوله: (وفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ)، وليس كذلك، بل لابد من القضاء كما يأتي فِي كلام عياض. والله تعالى أعلم.

وأما إلحاق حرمة الشيخ بحرمة الوالدين فعزاه فِي " التوضيح " لابن غلاب (١)، ويشبه أن يكون منزعاً صوفياً، كما حكى فِي الشابّ الذي قالوا له: كل معنا. فقال: إنّي صائم. فقال أبو يزيد البسطامي دعوا من سقط من عين الله.

على أنه جاء عن عيسى بن مسكين، أحد فقهاء المالكية أنه قال لصاحب له فِي صوم تطوع أمره بفطره: ثوابك فِي سرور أخيك المسلم بفطرك عنده أفضل من صومك، ولَمْ يأمره بقضائه. فقال عياض: قضاؤه واجب، ولَمْ يذكره لوضوحه. ابن عرفة: هذا خلاف ظاهر المذهب يعني إباحة الفطر قال: ونقل بعض الشيوخ عن شيوخنا عن الشيخ الصالح الفقيه أبي علي الحسن (٢) الزَّبيدي أنه قال لصائم متطوع حضره طعام جماعة: كل ونعلمك فائدة، فلما أكل أخذ بأذنه وقال له: إِذَا عقدت مَعَ الله عهداً فلا تنقضه. ابن عرفة: لعلّه علم منه عزمه عَلَى الفطر تأولاً.

وَكَفَّرَ إِنْ تَعَمَّدَ بِلا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وجَهْلٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ جِمَاعاً.

قوله: (بِلا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وجَهْلٍ) المتأول هو: المستند إِلَى شبهة، والجاهل هو: الذي لا يستند إِلَى شئ. قال اللخمي: اختلف فِي الجاهل فجعله ابن حبيب كالعامد فقال فِي الذي يتناول فلقة حبة: إن كان ساهياً فلا كفارة عَلَيْهِ، وإن كان جاهلاً أو عامداً كان عَلَيْهِ القضاء والكفارة، والمعروف من المذهب: أن الجاهل فِي حكم المتأول ولا كفارة عَلَيْهِ؛ لأنه لَمْ


(١) قال في التوضيح: (ابن غلاب: وحرمة شيخه كحرمة الوالدين؛ لعقده على نفسه ألا يخالفه، وأن لا يفعل شيئاً إلا بأمره فصارت طاعته فرضاً؛ لقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ}. انتهى. انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٢/ ١٧١، ١٧٢.
(٢) في (ن ٣): (حسين).

<<  <  ج: ص:  >  >>