للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: فما وجه تفريق المصنف؟

قلت: كأنه لما رأى المنصوص في الثانية الاتحاد لَمْ يمكنه العدول عنه، وعول في الأولي على ظاهر قول ابن القاسم، وإن خالف نصّ غيره لتقديم أهل المذهب ابن القاسم على غيره؛ مع أن مدرك الحكم في المسألتين واحد، وكثيراً ما يفعل مثل هذا لتبقى الفروع معروضة للنظر. والله تعالى أعلم.

وخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ، وقَيَّدَتْ إِنْ نَافَتْ وسَاوَتْ فِي اللهِ وغَيْرِهَا.

قوله: (وخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ، وقَيَّدَتْ إِنْ نَافَتْ وسَاوَتْ) في هذه العبارة قلق؛ لأن النية التي تنيف أي: تزيد، والتي تساوي، أي تطابق ليست مخصصة ولا مقيدة، وإنما المخصصة والمقيدة التي تنقص، فالوجه أن يقال: واعتبرت [نية] (١) الحالف، إن نافت أو ساوت، وإلا خصصت وقيدت، كما قال القاضي في " تلقينه ": يُعمل على النية إذا كانت مما يصلح أن يراد اللفظ بها كانت مطابقة له أو زائدة فيه أو ناقصة عنه، بتقييد مطلقه أو تخصيص عامّه، ثم قال: وذلك كالحالف [لا آكل] (٢) رؤوسا أو بيضاً أو لا سبح في نهر أو غدير، فإن قصد معنى عاماً وعبّر عنه بلفظ خاص، أو معنى خاصا وعبّر عنه بلفظ عام حكم بنيته، إذا قارنها عرف التخاطب كالحالف: لا أشرب لفلان ماءً، يقصد قطع المن، فإنه يحنث بكل ما ينتفع به من ماله.

وكذا: لا لبس ثوباً من غزل زوجته، يقصد قطع المن، دون عين المحلوف عليه (٣).

ولحسّن عبارة " التلقين " انتحلها صاحب " الجواهر " إعجاباً بها (٤)، وحولها دندن ابن عرفة إذ قال: والنية إن وافقت ظاهر اللفظ أو خالفته بأشدٍّ اعتبرت، وإلا فطرق، فلو قال المصنف، وخصصت نية الحالف، وقيدت، كإن نافت أو ساوت، بزيادة الكاف والعطف بأو لكان أمثل.


(١) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل و (ن ٤).
(٢) في (ن ١)، و (ن ٣): (لأكل).
(٣) انظر: التلقين، للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٢٥٣، ٢٥٤.
(٤) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ١/ ٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>