للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضرب أجلاً كان على برّ وليس له أن يحنث [نفسه] (١) قبل الأجل، وإنما يحنث إذا مضى الأجل ولَمْ يفعل ما حلف عليه (٢).

قال ابن رشد في رسم لَمْ يدرك من سماع عيسى من كتاب الظهار: المشهور فيمن كانت يمينه على بر فحلف أن لا يفعل فعلاً بطلاق أو مشيٍ أو عتق أو ظهار أو غير ذلك مما هو غير معين مما عدا اليمين بالله أنه لا يجوز أن يطلّق ولا أن يمشي ولا أن يعتق ولا أن يكفّر عن ظهاره ولا أن يصوم قبل أن يحنث، فإن فعل شيئاً من ذلك قبل الحنث لَمْ يجزه، ولزمه أن يفعله مرة أخرى إن حنث (٣). انتهى بتلخيص " جامع الطرر ". وبه يفسر كلام المصنف.

وبِكِتَابٍ إِنْ وَصَلَ وقَرَأَ.

قوله: (وبِكِتَابٍ إِنْ وَصَلَ وقَرَأَ) هكذا في بعض النسخ بزيادة (وقرأ) أي: وقرأه المحلوف عليه بلسانه، وبهذا يكون مطابقاً لمفهوم قوله: (لا قراءته بقلبه) أي لا قراءة المحلوف عليه بقلبه دون لسانه، وهكذا جاء عن أشهب أن الكتاب إذا وصل إلى المحلوف عليه فقرأه بقلبه ولَمْ يقرأه بلسانه فلا يحنث، واحتجّ على ذلك بأن من حلف أن لا يقرأ فقرأ بقلبه، لَمْ يحنث.

قال ابن عبد السلام: والظاهر أنه يحنث إذا قرأ الكتاب بقلبه؛ لأن المقصود من ترك المقاطعة قد حصل كما لو تلفّظ بقراءته. وقال ابن حبيب: إن وصل الكتاب إلى المحلوف عليه فقرأ عنوانه حنث، فإن لَمْ يقرأه وأقام عنده سنين لَمْ يحنث.

اللخمي: ولا وجه لهذا؛ لأنه إنما يحنث بالمكاتبة؛ لأنها ضربٌ من المواصلة يرفع بعض المقاطعة؛ فلذلك يقع بنفس وصول الكتاب إلى المحلوف عليه، وإن لَمْ يقرأه.

قال شيخ شيوخنا الفقيه النظار أبو القاسم التازغدري: فقول أشهب المتقدّم أبعد من هذا وأحرى بالاعتراض، وفي " التوضيح " وإذا كان الظاهر عند اللخمي الحنث بأخذ


(١) في (ن ١): (بنفسه).
(٢) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: ٢/ ١٠١، ١٠٢، وانظر: المدونة، لابن القاسم: ٣/ ١١٤.
(٣) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ٥/ ١٨٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>