للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد عُني تلميذه الإمام أبو البقاء بهرام (١) بحلِّ رموزه، واستخراج كنوزه، وافتراع (٢) أبكاره، واقتباس أنواره، واجتناء ثماره، واجتلاء أقماره بأظرف عبارة، وألطف إشارة، إلاّ أماكن أَضْرَب عنها صفحاً، [أو لم يُجِدها] (٣) شرحاً؛ فتحرك مني العزم الساكن، لتتبع تلك الأماكن، فشرحتها في هذا الموضوع بقدر الاستطاعة، وإن كنت في العلم مزجي البضاعة، وأودعته مع ذلك نكتاً جملة، كل نكتة منها تساوي رحلة، وسمّيته بـ: " شِفَاءُ الغَلِيلِ (٤) في حلِّ مُقْفَلِ خَلِيلِ "، وأمّا ما خرج من ألفاظِ الشارحِ عن لفظِ المشروحِ، فلا يكون منّي للتنبيه عليه جنوحٌ؛ لأنّ ذلك مما يطول، ويشبه الفضول، ومن الله تعالى أستوهب التوفيق والهداية إلى التحقيق؛ فهو حسبي ونعم الوكيل، وهو على كلّ شيءٍ وكيل.

وقد رأيت أن أقدم هنا مقدمتين:

الأولى: [٢ / أ] في ذكر بعض مناقب المصنف - رحمه الله تعالى-.

الثانية: في أمور استنبطناها من كلامه بالاستقراء.

أمّا الأولى: فهو خليل بن إسحاق بن يعقوب (٥)، يُعرف بابن الجندي، كان عالماً


(١) هو: أبو البقاء، بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز، الدميري، المالكي، قاضي القضاة بمصر، حامل لواء المذهب المالكي على كاهله أخذ عن الشيخ خليل وغيره، ودرس بالشيخونية وغيرها، من مصنفاته: " الشامل "، و " المناسك "، و " شرح مختصر خليل "، و " شرح مختصر ابن الحاجب "، و " شرح ألفية ابن مالك "، توفي سنة ٨٠٥ هـ. انظر ترجمته في: كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، لأحمد بابا التنبكتي، ص: ١٣٢، ونيل الابتهاج بتطريز الديباج، للتنبكتي: ١/ ١٥٩، وتوشيح الديباج، للقرافي، ص: ٦٢.
(٢) في (ن ٢): (افتضاض)، وافترع البكر: افتضّها. انظر، لسان العرب، لابن منظور: ٨/ ٢٥٠.
(٣) في (ن ٢): (أو لم يجد لها)، وفي (ن ٤): (يحددها ولم يجدها).
(٤) الغَلِيلُ: حرارة العطش، وربما سُمّيت حرارة الحزن والحبّ غَلِيلاً. الغَلِيلُ: حَرُّ الجوف لَوْحاً وامْتِعاضاً. والغَلِيلُ: الغِشُّ والعَداوة والضِّغْنُ والحقْد والحسد. انظر: لسان العرب، لابن منظور: ١١/ ٤٩٩.
(٥) المعروف في نسب خليل رحمه الله: خليل بن إسحاق بن موسى، فـ (يعقوب) خطأ، قال الحطاب: ذكر ابن غازى موضع (موسى) (يعقوب)، ويوجد كذلك في بعض النسخ، وهو مخالف لما رأيته بخطه. انظر: مواهب الجليل، للحطاب: ١/ ٣٠. على أن الخُرَشي في شرحه نسبه ليعقوب أيضا، وناقش العدوي الأمر فطالعه هناك، انظر: شرح الخرشي: ١/ ٣٤.
وأشار إلى ذلك الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: ١/ ٩، أقول: ووضع في نسبه (يعقوب) صاحب " درة الحجال " أيضاً، ولعلّه تابع ابن غازي. انظر: درة الحجال، لابن القاضي، ص: ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>