للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب الغسل بالمني وإن خرج بعد ذهاب اللذة بلا جماع، أو خرج بعد ذهاب اللذة بالجماع، والحالة أنه لَمْ يغتسل لذلك الجماع، ومفهومه أنه لو اغتسل للجماع لَمْ يعد الغسل لخروج المني، وبه صرّح فِي قوله: (كمن جامع فاغتسل ثم أمنى)، وبسط ذلك:

أن المسألة عَلَى وجهين أحدهما: أن يلتذّ بغير جماع ولا ينزل ثم ينزل. والثاني: أن يجامع ولَمْ ينزل ثم يغتسل ثم يخرج منه المني، فقيل: بالوجوب فيهما؛ لأنه مستند إِلَى لذة متقدمة، وقيل: لا فيهما؛ لعدم المقارنة؛ ولأن الجنابة فِي الثاني قد اغتسل لها، [والقول الثالث: التفرقة فيجب فِي الأول دون الثاني؛ لأنه فِي الثاني قد اغتسل لجنابته، والجنابة الواحدة لا يتكرر الغسل لها] (١). وقد ذكر اللخمي والمازري وغيرهما الثلاثة الأقوال، وكذا قرر ابن هارون قول ابن الحاجب: ولو التذّ ثم خرج بعد ذهابها جملة فثالثها إن كان عن جماع وقد اغتسل فلا يعيد (٢)، وتبعه فِي " التوضيح (٣) " واقتصر هنا عَلَى الثالث.

فإن قلت: فأي فائدة فِي تصويب ابن الفتوح؛ مع أن من جامع ولَمْ يغتسل ذمته عامرة بالغسل وإن لَمْ ينزل؟

قلت: فائدته فِي المفهوم، إلا أن التصريح به يضعفها، ولكلام المصنف محمل آخر ذكرناه فِي التي بعدها (٤).


(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٤).
(٢) انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٦٠.
(٣) قال في التوضيح: (هذه المسألة على وجهين: أحدهما أن يجامع ولم ينزل، ثم يغتسل ثم يخرج منه المني. والثاني أن يلتذ بغير جماع، ولا ينزل ثم ينزل فقيل بالوجوب، لأنه مستند إلى لذة مقدمة. وقيل: لا فيهما لعدم المقارنة، ولأن الجنابة في الأول قد اغتسل لها. والثالث التفرقة، فيجب في الثاني دون الأول؛ لأنه في الأول قد اغتسل لجنابته والجنابة الواحدة لا يتكرر لها الغسل. وقد ذكر اللخمي والمازري وغيرهما الثلاثة الأقوال هكذا. وهكذا كان شيخنا - رحمه الله - يقرر هذا المحل وكذلك قرره ابن هارون) انظر: التوضيح، لخليل بن إسحاق: ١/ ٣٨٧، ٣٨٨.
(٤) أشكل هذا الموطن على شراح المختصر الآخرين، واستشكلوا كلام صاحب المختصر، قال الحطاب بعد استشكاله: (هذا أولى ما يعتذر به عن كلام المصنف وإن كان فيه بعد فغيره مما اعتذر به أشد تكلفا. . . ولِذَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِهِ " ولَمْ يَغْتَسِلْ " وهُو إصْلَاحٌ بِتَكَلُّفٍ) انظر: مواهب الجليل: ١/ ٣٠٦، ٣٠٧. ووقع هذا الإصلاح لصاحب التاج والإكليل وقال بعد شرحه: (والقصد كشف المنقول، وأما تحقيق المناط، أعني تنزيل المنقول على لفظ المؤلف فما غيري بدوني في ذلك) انظر: التاج والإكليل، لمحمد بن يوسف: ١/ ٣٠٦. وقال الدردير في شرحه: (قوله: ولم يغتسل لا مفهوم له) انظر: الشرح الكبير، للدردير: ١/ ١٢٧، وانظر استشكال الدسوقي أيضا في حاشيته على الشرح الكبير: ١/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>