فائدة: أنشد الشيخ أبو الحسن الصغير لبعضهم:
السَّمْنُ والزُّبْدُ والأَجْبَانُ والْأَقِطُ ... فَالسَّمْنُ بِالزُّبْدِ كُلٌّ لا يَجُوزُ مَعَا
وَالْجُبْنُ بِالأَقِطِ الْمَذْكُورِ بَيْعُهُمَا ... مُمَاثِلاً ذَاكَ عِنْدِي لَيْسَ مُمْتَنِعَا
إن الْحَلِيبَ بِهَذَا الْكُلِّ مُمْتَنِعٌ ... وبِالضَّرِيبِ مُبَاحٌ مَا قَدْ امْتَنَعَا
أَمَّا الْحَلِيبُ فَبِالْمَضْرُوبِ بِعْهُ ... ولا تَبْغِ الزِّيَادَةَ فِي شَيْءٍ فَيَمْتَنِعَا
قال: وما ذكره من جواز بيع الجبن بالأقط متماثلا جاز على مفهوم كلام أبي إسحاق؛ لأنه قال: أما الجبن بالمضروب ففيه اختلاف فمن أجازه فعنده أنه لا يمكن أن يخرج من المضروب جبن بحال، ومن كرهه أمكن أن يخرج منه الأقط عنده، والجبن بالأقط لا يجوز التفاضل فيه فظاهره جواز التماثل فيهما خلاف قول اللَّخْمِيّ: لا يجوز بيع شيء من هذه بالآخر. انتهى.
ولو قال بدلاً من البيتين الأولين:
السَّمْنُ والزُّبْدُ والأَجْبَانُ مَعَ أَقِطٍ ... لا تبتعن بعضها بالبعض إذ منعا
والجُبْن إن بِعْتَهُ بالمثْلِ منْ أَقِطٍ ... فَلا يَرَاهُ أَبُو اسْحَاقَ مُمْتَنِعَا
لكان أتمّ وأعمّ، وأسلم من العيب المسمى بالإشارة إلى التصريح، وهو عند أرباب القوافي قبيح جداً كالوهم والخطأ على ما ذكرنا فِي ذيل (الخزرجية).
وهَلْ إِنْ وُزِنَا؟ تَرَدُّدٌ. واعْتُبِرَتِ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ، وإِلا فَبِالْعَادَةِ، فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي إِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ.
قوله: (وهَلْ إِنْ وُزِنَا؟ تَرَدُّدٌ) قال ابن عبد السلام: لما ذكر ابن القصار قولي مالك فِي بيع القمح بالدقيق جمع بينهما بأن القول بالجواز محمول على الوزن، وأن القول بالمنع محمول على الكيل، وهذا الجمع غير صحيح؛ لأن قائله فسّر قول مالك بما نصّ مالك على خلافه؛ وذلك أن مالكا قال فِي كتاب: الصرف من " المدونة " أنه لا يباع القمح وَزناً (١)، فإذا لَمْ
(١) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٣/ ١٢١.