للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجز، ويدخله ما ذكرنا وبيعه قبل قبضه، وكَذَلِكَ هذا القمح عشرة بدينار وهذا التمر عشرة بدينار إلزاماً، ويدخله بيعه قبل قبضه وهو من بيعتين فِي بيعة (١).

وفي " التقييد ": هنا تنبيهان جيدان:

أحدهما: أن تعليله بالتفاضل يدل على أنه إنما تكلّم على الربوي خاصة، وأما غيره فإن اشتراه جزافاً وَجده مكانه جاز إذا تبين الفضل، وإن كان على العدد جاز إذا كان على غير الإلزام، وإن كان على الإلزام لَمْ يجز؛ لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه، فعلى هذا من أراد الخروج من الخلاف فِي شراء الخضرة فليتخيّر ما يأخذ وحينئذ يبتاعه إذ يدخله بيع الطعام قبل قبضه؛ لأنه مما يعد على القول أن بيع الطعام قبل قبضه يدخل فيما لا يدخر، وأما المزابنة (٢) فمنتفية ليسارة القبضة، وإنما يدخل ذلك فِي الأحمال فتأمله.

الثاني: أن المفهوم من قوله: فِي عشرة محمولة وتسعة سمراء لَمْ يجز؛ أنهما لو تساويا فِي الكيل لجاز، وعلى ذلك حملها فضل. وقال: إن فيه لمغمزاً؛ لأن الطعام بالطعام لا يجوز فيه خيار ساعة. وقبله عبد الحقّ فِي " التهذيب " قال: وليس يدخله بيع الطعام قبل قبضه؛ لأنه لو أسلم فِي محموله جاز أن يأخذ سمراء مثل الكيل بعد الأجل وهو بدل.

وقال ابن حبيب: إن ذلك لا يجوز. قال الباجي: وعلته بيع الطعام قبل قبضه؛ لأن هذا بيع ليس باقتضاء، فيلزم على التعليل بالتأخير إذا اختلفت الأجناس أو كان مما يجوز فيه التفاضل أن يمنع لعدم المناجزة. قال أبو عمران: إِلا أن يكون فِي فور واحد فيجوز. انتهى.

قلت: إنما يصحّ هذا فِي الجنس الواحد مما يجوز فيه التفاضل فأما إذا اختلفت الأجناس فلا يجوز بحال كالثياب، ثم قال فِي " التقييد ": ونحوه قول أبي اسحاق: لو


(١) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: ٣/ ١٩٨، ١٩٩، وانظر: المدونة، لابن القاسم: ١٠/ ١٩٩ وما بعدها.
(٢) المزابنة: (المُزابنة: بيع الرُّطَب على رؤوس النخل بالتمر كيلاَ وكذلك كل ثمر بيع على شجره بثمر كيلاَ، وإِنما نهى عنه لأَن الثمر بالثمر لا يجوز إِلا مثلاً بمثل، فهذا مجهول لا يعلم أَيهما أَكثر؛ ولأَنه بيع مُجازفة من غير كيل ولا وزن، ولأَن البَيِّعَيْن إِذا وقفا فيه على الغَبْن أَراد المغبون أَن يفسخ البيع وأَراد الغابن أَن يُمْضيه فَتزابَنا فتدافعا واختصما) انظر: لسان العرب، لابن منظور: ١٣/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>