للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفِي سماع سحنون " أن ذلك لا يجوز وإن دفع إليه الدينار من عنده؛ لأنه يخلفه من الطعام يريد أن التهمة لا ترتفع عنه بذلك؛ لأنه إن كان البيع وقع على أن ينقده الدينار من الطعام فلا يصلحه أن يدفعه من عنده، كما أنه إذا وقع على الصحة لا يفسده أن ينقد الدينار من الطعام " (١). انتهى.

وإذا تأملت هذه النقول علمت أن كلام عياض المذكور فيه تقديم وتأخير، وأن تقديره ما اشترى بثمن بعضه مؤجل وبعضه معجّل ليباع، فقوله: (بثمن) متعلّق (باشترى) لا (بيباع) (٢)، فهي إذاً مسألة أخرى غير مفرعة على مسألة المطلوب منه سلعة، وقد نقل فِي " التوضيح " كلام عياض (٣)، ولم يزد ما بعده مما فيه البيان لما قررنا، والظن بالمصنف أنه لا يفهمها على غير ما فرضها عليه الأئمة فهذا عجب فتدبره.

فإن قلت: لعلّ المصنف إنما فرعها على مسألة المطلوب منه سلعة تنبيهاً على أن المختار عنده من الخلاف هو الجواز، وإن تركبت المسألة من الوصفين فتكون غير المركبة أحرى بالجواز.

قلت: هذا أبعد ما يكون من التأويل، ولكن ربما يقربه الظن الجميل، وتبقى العهدة فِي التزام جواز المركبة عليه، والله سبحانه أعلم بما جنح إليه، وقد نقلها ابن شاس على ما فرضها عليه الأئمة، فذكر أن من صور العينة أن يشتري من أحد أهل العينة سلعة بعشرة نقداً وعشرة إلى أجل فيمنع منه خاصة، ويقدر كأنه اشتراها [ليبيع منها بعشرة يدفعها نقداً ويبقى له باقي السلعة] (٤) لينتفع بثمنها معجلاً، ثم يدفع عنه عشرة مؤجلة، والغالب أن السلعة لا تساوي العشرين، فيؤول إلى ذهب فِي أكثر منها (٥).


(١) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ٧/ ١٠٢.
(٢) في (ن ١) (يباع)، وفي (ن ٢)، و (ن ٤): (بيباع).
(٣) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٥/ ٤٠١.
(٤) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
(٥) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ١/ ٦٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>