للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقّ أنه لا خلاف فِي الردّ بالعيب الخفي، وكلام المتقدمين والمتأخرين يدل على أن العيب الظاهر مشترك أو مشكك يطلق على الظاهر الذي لا يخفى غالباً على كلّ من اختبر المبيع تقليباً، ككون العبد مقعداً أو مطموس العينين، وعلى ما يخفى عند التقليب على من لَمْ يتأمل ولا يخفى غالباً على من تأمل، ككونه أعمى وهو قائم العينين، فالأول لا قيام به، والثاني يقام به اتفاقاً فيهما.

ومما يدل على ذلك قول اللَّخْمِيّ قال مالك: يردّ بالعيب القديم من غير يمين، كان العيب مما يخفى أو ظاهراً مما لا يخفى. قال [في كتاب] (١) محمد: طالت إقامته أو لَمْ تطل. قال ابن القاسم: لا يمين له إِلا أن يكون من الظاهر الذي لا يشك أنه لا يخفى مثل قطع اليد أو الرجل أو العور. [قال اللَّخْمِيّ: أما العور] (٢) فإن كان قائم العين وقد ذهب نورها فيصحّ أن يردّ به، وإن طال وإن كان مطموس العين لَمْ يردّ به وإن قرب إِلا أن يكون بفور الشراء، ولو قيل: إنه لا يصدّق أنه لَمْ يره لكان وجهاً، وكَذَلِكَ قطع اليد إذا كان قد قلب يديه، وإن قال كتمني العبد هذه اليد حلف على ذلك فيما قرب، وقطع الرجل أبين، ألا يمكّن من الردّ إِلا أن يكون بفور ما تصرف بين يديه عند العقد، وكان الشراء وهو جالس.

قال مالك فِي كتاب محمد: لو ابتاع بعض النخاسين عبداً فأقام عنده ثلاثة أشهر حتى ضرع ونقص حاله فوجد عيباً لَمْ أر أن يردّ؛ لأنه يشتري فإن وجد ربحاً باع، وإلا خاصم، فأرى أن يلزم مثل هؤلاء فيما علموا وفيما لَمْ يعلموا. قال ابن القاسم: والذي هو أحبّ إليّ: إن كان عيباً يخفى أحلف أنه ما رآه وردّ، وإن كان على غير ذلك لزمه. ثم قال ابن عرفة: ولابن يونس فِي ترجمة الردّ بالعيب والتداعي فيه ما نصّه: " قال ابن حبيب: وهذا فيما يخفى، وأما الظاهر فاليمين على البت "، فما نقله ابن يونس أولاً عن ابن حبيب هو فِي القسم الأول، وما نقله عنه ثانياً هو فِي الثاني، فلو تأمل نقليه ما حمل قوله أولاً على الخلاف.


(١) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن ١).
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>