للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوِ الإِنْكَارِ إِنْ جَازَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ. وظَاهِرِ الْحُكْمِ، ولا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ. فَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا أَوْ أَشْهَدَ وأَعْلَنَ أنّه يَقُومُ بِهَا أَوْ وَجَدَ وَثِيقَةً بَعْدَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ.

قوله: (أَوِ الإِنْكَارِ إِنْ جَازَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ. وظَاهِرِ الْحُكْمِ، ولا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ) هذا قول مالك خلافاً لابن القاسم وأصبغ (١).

تحرير:

قال ابن عرفة: الصلح عَلَى الإنكار جائز باعتبار عقده، وأما فِي باطن الأمر فإن كَانَ الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام، وإِلا فحلال، فإن وفّى بالحقّ بريء، وإِلا فهو غاصب فِي الباقي، ولم يذكر المازري ولا ابن القصار ولا أحد من مشاهير شيوخ المذهب المعتاد منهم نقل غريب المذهب خلافاً فِي جوازه إِلا عياضاً عن ابن الجهم عن بعض أصحابنا، وكَانَ يجري لنا فِي البحث تخريج مثل قول الشافعي من قول سحنون: إن طلب السلابة شيئاً خفيفاً لَمْ يجز أن يعطوه خلاف ما فِي أول جهاد " المدونة " (٢)؛ بجامع أنّه إعطاء مال لدفع عداء، وأن التخريج أحروي؛ لأن العداء فِي المحارب القتال المعروض للقتل وهو أشدّ من عداء الخصومة المعروض للحلف. وقال ابن عبد السلام: والنفس تميل فِيهِ لمذهب الشافعي.

وفِي كتاب الجهاد من " المدونة " ما يقرب منه. قال ابن عرفة: والذي فِي أوّل الجهاد منها يدلّ عَلَى عكس ما قاله حسبما قدمناه، والذي أشار إليه من كتاب: الجهاد هو ما كَانَ يجري لنا فِي درسه من الأخذ من قول مالك هناك: وإِذَا تنازع رجلان فِي اسم مكتوب فِي العطاء، فأعطى أحدهما الآخر مالاً عَلَى أن يبرأ إليه من ذلك الاسم لَمْ يجز؛ لأن الذي أعطى الدراهم [إن كَانَ صاحب الاسم فقد أخذ الآخر (٣) ما لا يحلّ له، وإن كَانَ الذي


(١) قال المواق: (عِيَاضٌ: مَالِكٌ يَعْتَبِرُ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي، ومَعَ إنْكَارِ الْمُنْكِرِ وعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ) انظر: التاج والإكليل، للمواق: ٥/ ٨٣.
(٢) انظر: المدونة، لابن القاسم: ٣/ ٣.
(٣) في (ن ١)، و (ن ٣): (الأجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>