للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لازم كالجعل عَلَى مذهب من يرى أنّه لا يلزم بالعقد كقوله: إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرة دنانير، فهذا تصحّ الحمالة به أَيْضاً قبل المجيء بالآبق، فإن جاء به لزم ما تحمّل به، وإن لَمْ يأت به سقطت الحمالة ". انتهى (١).

وأما ابن عرفة فلم يذكر كلام المازري، ولكن قال: قول ابن شاس وابن الحاجب: لا يجوز ضمان الجعل إِلا بعد العمل، لا أعرفه لغيرهما وفِيهِ نظر، ومقتضى المذهب عندي الجواز لقول " المدونة " مع غيرها بصحة ضمان ما هو محتمل الثبوت استقبالاً، وتوجيه ابن عبد السلام نقل ابن الحاجب بقوله: لأن الجعالة قبل العمل ليست بعقد منبرم، فأشبهت الكتابة، يردّ بأن حمالة الكتابة تؤدي إلى الغرم مجاناً حسبما تقدم؛ لأنها ليست ديناً ثابتاً، والجعل مهما غرمه الحميل رجع به؛ لأنه بعد تقرره دين ثابت.

وفِي " وجيز " الغزالي فِي ضمان الجعل فِي الجعالة وجهان (٢).

وإِنْ جُهِلَ، أَوْ مَنْ لَهُ، أوَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَأَدَائِهِ رِفْقاً لا عَنَتاً فَيُرَدُّ كَشِرَائِهِ.

قوله: (وإِنْ جُهِلَ، أَوْ مَنْ لَهُ، أوَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَأَدَائِهِ) هذه ثلاثة من أركان الضمان:

الأول: المال المضمون، وإليه أشار بقوله: (وإن جهل) قال فِيهِ ابن عرفة: جهل قدر المتحمل به غير مانعٍ اتفاقاً.

الثاني: الشخص المضمون له، وإليه أشار بقوله: (أو من له) قال فِيهِ ابن عرفة المتحمل [له من ثبت حقه عَلَى المتحمل عنه] (٣) ولو جهل؛ ولذا قال المازري: من ضمن دين ميّت لزمه ما طرأ عَلَيْهِ من دين غريم لَمْ يعلم به.

الثالث: الشخص المضمون عنه، وإليه أشار بقوله: (أو بغير إذنه) فهو كقول ابن الحاجب: المضمون عنه لا يشترط رضاه، إذ يجوز أن يؤدي بغير إذنه (٤). واحتج له ابن


(١) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٨/ ٦٣٧.
(٢) انظر: شرح الوجيز، للرافعي: ١٠/ ٣٦٩.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ١).
(٤) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>