للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: لو صحّ تشهير القول بالبراءة فِي مسألة الاشتراط لبعد [هذا المحمل] (١) فما ظنّك به إن لَمْ يصحّ؟!

إِلا إِنْ ثَبَتَ (٢) عَدَمُهُ، أَوْ مَوْتُهُ فِي غَيْبَتِهِ ولَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ.

قوله: (إِلا إِنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ، أَوْ مَوْتُهُ فِي غَيْبَتِهِ ولَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ) (٣) يتمشي هذا الكلام عَلَى أن يكون من باب اللف والنشر المرتب، وتقديره: لا إن أثبت عدمه فِي غيبته أو موته ولو بغير بلده (٤). فأما إن أثبت عدمه فِي غيبته فقال اللخمي: لا يغرم، وعَلَيْهِ اقتصر هنا، بِخِلاف قوله فِي باب: التفليس: (فَغَرِمَ إنْ لَمْ يَأْتِ ولَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) فإنه اختار هناك قول ابن رشد فِي " المقدمات ": وإما إن أثبت موته فقال ابن القاسم فِي " المدونة ": وإِذَا مات الغريم بريء حميل الوجه؛ لأن النفس المكفولة قد ذهبت (٥).

وأشار بقوله: (ولو بغير بلده) إلى قول ابن القاسم فِي رسم سلف من سماع عيسى ما نصّه: " وإن مات بغير البلد الذي تحمّل فِيهِ قبل الأجل وكان المكان لو كَانَ حياً لَمْ يأت به حَتَّى يمضي الأجل فهو ضامن له وكذلك لو مات بعد الأجلّ بغير البلد كَانَ ضامناً له، طلبه أو لَمْ يطلبه؛ لأنه لو طلبه منه لَمْ يقدر عَلَى أن يأتيه (٦) به. قال ابن القاسم: وكلّما قلت لك من خلاف هذه المسألة فدعه وخذ بهذا، وإن مات بغير البلد قبل الأجل وكَانَ فِيمَا بقى من الأجل ما يأتي به فِيهِ فلا شيء عَلَيْهِ ". انتهى.

وصرّح ابن رشد بأن هذا خلاف ما له فِي " المدونة " (٧). قال ابن عبد السلام: وإنما لزم الكفيل الغرم فِي هذا القول؛ لأن تفريطه فِي الغريم حَتَّى خرج عن البلد كعجزه عن


(١) في (ن ٣)، ن ٥: (بهذا المحل).
(٢) في المطبوعة والأصل: (لا إن أثبت).
(٣) زاد في (ن ١): (فأما إن أثبت عدمه أو موته في غيبته ولو بغير بلده).
(٤) قلت: رحم الله المؤلف ما رآه صواباً لائقاً بمحل المسألة هو المثبت في أكثر ما وقفنا عليه من النسخ، فتطويله في المسألة لبنائه على عبارة وقع بها بعض التصحيف.
(٥) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: ٤/ ١٤.
(٦) في (ن ٣): (يأتي).
(٧) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ١١/ ٣٢٠، ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>