للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإِلا فَتَرَدُّدٌ.

قوله: (وإِلا فَتَرَدُّدٌ) أي: وإن لَمْ يكن الغاصب مميزاً بل كَانَ غير مميز فقد تَرَدُّدٌ المتأخرون: هل الخلاف فِي ضمانه كما نقل ابن الحَاجِب؟ أم فِي السن المخرج له إِلَى التمييز؟ كما ذكر ابن عبد السلام؛ وذلك أن ابن الحَاجِب قَالَ: وأما غير المميز فقيل المال فِي ماله والدم عَلَى عاقلته. وقيل: المال هدر كالمجنون. وقيل: كلاهما هدر (١). فقال ابن عبد السلام: جعل مورد الخلاف فِي هذه المسألة عدم التمييز وهو حسن فِي الفقه؛ غير أن الروايات لا تساعده، وإنما تعرّضوا للتحديد فِي هذه المسألة بالسنين، فقيل: ابن سنتين. وقيل ابن سنة ونصف. وقيل غير ذلك فقبله فِي " التوضيح " (٢) كما أشار إليه هنا.

وأما ابن عَرَفَة فقال: قوله: والروايات لا تساعده. يردّ بنقل ابن رشد فِي ثاني مسألة من رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الجنايات إذ قَالَ: لا اختلاف فِي أن حكم الصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها فِي جناياته عَلَى الأموال والدماء حكم المجنون الذي لا يعقل سواء، وقد اختلف فِي ذلك عَلَى ثلاثة أَقْوَال] (٣):

أحدها: أن جنايتهم عَلَى الأموال فِي أموالهم، وعَلَى الدماء عَلَى عواقلهم إِلا أن يكون أقلّ من الثلث ففي أموالهم.

والثاني: أن ذلك هدر فِي الأموال والدماء.

[والثالث: تفرقته فِي هذه الرواية بين الأموال والدماء، وأما إِن كَانَ الصبي يعقل فلا اختلاف فِي أنّه ضامن لما جنى] (٤) عَلَيْهِ من الأموال فِي العمد والخطأ وأن عمده فِي ما جناه من الدماء خطأ يكون عَلَيْهِ من ذلك فِي ماله ما كَانَ أدنى من الثلث، وعَلَى عاقلته ما بلغ الثلث فأكثر. وأما الكبير المولى عَلَيْهِ فحكمه فِي جنايته فِي الأموال والدماء حكم المالك لأمر نفسه يضمن ما استهلكه من الأموال ويقتصّ منه فيما جناه عمداً من الدماء (٥).


(١) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٤٠٩.
(٢) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٩/ ٢١٢.
(٣) إلى هنا ينتهي ما سقط من: (ن ١).
(٤) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ١).
(٥) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ١٥/ ١٤٥، ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>