للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انطباق هذا التشبيه عَلَى المسألة كلها حتى يرجع لما فِي " البيان "، ولما فهم ابن الحَاجِب أن التشبيه قاصر عَلَى القول الذي يليه وقدّم وأخر كما تقدم من نصّه تحول [المعنى] (١). فليتأمله من فتح له فِي الإنصاف والتحقيق. وبالله تعالى التوفيق.

كَأَنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصاً، أَوْ رَكِبَ، أَوْ ذَبَحَ، أَوْ جَحَدَ وَدِيعَةً.

قوله: (كَأَنْ مَاتَ .. إِلَى آخره) مشتمل عَلَى تمثيل لمفيتات المغصوب بعد الاستيلاء، وتشبيه بنظائر تشارك المفتيات فِي الضمان وإِن لَمْ ينطلق عَلَيْهَا اسم المغصوب حقيقة، فكأنه يقول: كما يضمن الغاصب فِي كذا بعد الاستيلاء، وكما يضمن شبيه الغاصب فِي كذا، فأما الموت والقصاص فمفيتان، وأما الركوب فهو هنا دخيل، إذ ليس بمفيت فلا يصلح للتمثيل ولا بمشارك فلا يصلح للتشبيه، فإن كَانَ أشار بِهِ لقول ابن الحَاجِب: ويكفي الركوب فِي الدابة (٢). فقد وضعه فِي غير محله مَعَ مناقضته لقوله: (وضمن بالاستيلاء).

وقد قَالَ ابن عبد السلام: مسألة الركوب ظاهرة باعتبار الغصب، فإنّ وضع اليد وحده كاف فِي تعلق الضمان فكيف إِذَا صحبه الركوب؟ فقال ابن عَرَفَة: ما علل بِهِ ظهور مسألة الركوب غصباً موجب إشكالها فِي كلام ابن الحَاجِب؛ لأن ظاهر قوله: يكفي الركوب فِي الضمان يقتضي نفيه بنفيه، والعلة المذكورة تناقضه وهي الحق، وقول ابن عبد السلام بها يناقض ظاهر ما تقدم له فِي تفسير قول ابن الحَاجِب وإثبات اليد العادية فِي المنقول بالنقل فتأمله منصفاً ". انتهى.

وأما الذبح فجعله مفيتاً وقد قَالَ ابن الجلاب: ومن غصب شاة فذبحها ضمن لربها قيمتها، [وكَانَ له أكلها، وقَالَ محمد بن مسلمة: " لربها أخذها، ويضمن الغاصب ما بين قيمتها] (٣) حيّة ومذبوحة ". انتهى (٤).


(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٢).
(٢) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٤٠٩.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
(٤) انظر: التفريع، لابن الجلاب: ٢/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>