للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِباً، فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ، أَوْ أُذُنِهَا، أَوْ طَيْلَسَانِهِ، أَوْ لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ، أَوْ قَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ ونَقْصُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ، وإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصُهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ ويَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ، وعَتَقَ عَلَيْهِ، إِنْ قُوِّمَ، ولا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ فِي الْفَاحِشِ عَلَى الأَرْجَحِ، ورَفَا الثَّوْبَ مُطْلَقاً، وفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قَوْلانِ.

قوله: (وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِباً) اختصر هنا قول ابن الحَاجِب: وفيها والمتعدي يفارق الغاصب؛ لأن المتعدي جنى عَلَى بعض السلعة، والغاصب أخذها ككسر الصحفة وتحريق الثوب (١). وزاد غالباً، لقول ابن عبد السلام: أنّه لا يعمّ صور التعدي ألا ترى أنّ المكتري والمستعير إِذَا زاد فِي المساقة يكون حكمهما حكم المتعدي لا حكم الغاصب، وكذلك من أودعت عنده دابّة أو ثوب فاستعملهما، فهذا الفرق الذي ذكره عن " المدونة " لا يكفي فِي هذا الموضع. وقبله فِي " التوضيح " (٢).

وقَالَ ابن عَرَفَة: قول ابن عبد السلام لا يعمّ صور التعدي بناءً منه عَلَى أن جناية المكتري والمستعير عَلَى الدابة، ويردّ بأن من أجزائها من حيث كونها مأخوذة ملكها وجنايتهما لَمْ تتعلق بِهِ؛ ولذا فرق فِي " المدونة " وغيرها بين هبة العبد وبين هبة خدمته لرجل حياته، ورقبته بعده لآخر فِي زكاة الفطر والجناية (٣)، قَالَ: ومقتضى الروايات أن التعدي هو التصرف فِي شيء بغير إذن ربه دون قصد تملّكه. وبالله تعالى التوفيق.


(١) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٤١٥.
(٢) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٩/ ٢٨٠.
(٣) قال في المدونة: (والفطرة على الموصى بخدمته لرجل، ثم برقبته لآخر على صاحب الرقبة ... ومن جنى عبده جناية فيها نفسه فحلّ عليه الفطر وهو في يد سيده قبل أن يقتل فنفقته وزكاة الفطر عنه على سيده) انظر: تهذيب المدونة، البراذعي: ١/ ٤٨٥، ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>