للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ونزلت عندنا هذه المسألة عام خمسين وسبعمائة فِي شفيع أخذ بشفعته فِي دارٍ يملك باقيها بشهادة عدلين دون أن يقف المشتري ويشهد عَلَيْهِ بذلك، ثم إِن الشفيع باع جميع الدار فقام المشتري فخاصم فِي الدار المذكورة لبيعها دون إشهاد الشفيع عَلَيْهِ بالأخذ، ولم يأت بشيءٍ لَو أتى بِهِ قبل البيع قدح فِي الشفعة عَلَيْهِ، فوقف القاضي فِي إمضاء البيع وفسخه، وشاور فِي ذلك شيخنا أبا عبد الله السطي فلم يذكر فِي ذلك شيئاً غير كلام ابن الحَاجِب، وما أشار إليه ابن [١٠٥ / ب] عبد السلام من كلام ابن رشد.

وكنت أنا وبعض فقهاء الوقت وهو الفقيه أبو عبد الله بن خليل السكوني شهيدي النازلة، فعاتبنا القاضي فِي الشهادة فِي البيع، وكانت شهادتي فيها [عاطفاً] (١) عَلَيْهِ؛ لاعتقادي فقهه وكونه من خواصّ القاضي المذكور، فاحتججت عَلَى القاضي بنصي المدونة الأول قوله فِي كتاب الخيار: " إِذَا اختار من له الخيار من المتبايعين وصاحبه غائب، وأشهد عَلَى ذلك جَازَ عَلَى الغائب. والشفيع بمنزلة من له الخيار من المتبايعين، فهذا يدلّ عَلَى صحة أخذه فِي غيبة المشتري " الثاني: قوله فِي كتاب الشفعة: " ولا يجوز بيع الشفيع الشِقْص قبل أخذه بالشفعة، (٢) فمفهوم قوله: (قبل أخذه) أنّه يجوز بعد أخذه، والعمل بمفهومات " المدونة " هو المعهود فِي طريقة ابن رشد وغيره من الشيوخ، وإِن كَانَ ابن بشير يذكر فِي ذلك خلافاً، فعمل الأشياخ الجلّة إنما هو عَلَى الأول.

وانفصل الخصمان بعد طول ومرافعة لأهل الأمر عَلَى صلحٍ وقع بينهما " انتهى. وفِي استدلاله الثاني ضعف.

وأما المصنف ففسر قول ابن الحَاجِب بأن معناه يملك الشفيع الشِقص بأحد الأمور الثلاثة (٣)، وكذا قَالَ ابن راشد القفصي، ورأيت فِي " الكافي " لأبي عمر بن عبد البر ما نصّه: " والشفعة تجب بالبيع التامّ، وتستحقّ وتملّك بأداء الثمن " (٤)، وقد ذكر بعد هذا فِي هذا المختصر وجوه ابن رشد الثلاثة المنقولة من سماع يحيي.


(١) في (ن ٣): (عطفا).
(٢) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: ٣/ ١٨١، و٤/ ١٤٥، وانظر: المدونة، لابن القاسم: ١٤/ ٤١٨.
(٣) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٩/ ٣١٨.
(٤) انظر الكافي في فقه أهل المدينة، لابن عبد البر، باب من له الشفعة ومن هو أولى بها، ص: ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>