للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا كلّه بيّن لا ارتياب فيه ولا إشكال، وقد نقله ابن عَرَفَة إِلَى قوله: من غير وجه منفعة فِي ذلك للورثة (١)، ثم تعقّبه فقال فِي تغليطه ابن أيمن: وقوله: لا حجة له نظر، بل هو الأَظْهَر، وبِهِ العمل عندنا، ودليله من وجهين:

الأول: أن الدين لا يجوز قضاؤه إِلا بحكم قاضٍ، وحكمه [متوقف عَلَى ثبوت موت المديان وعدد ورثته، ولا يتقرر عدد ورثته إِلا بوضع الحمل، فالحكم] (٢) متوقف عَلَيْهِ، وقضاء الدين متوقف عَلَى الحكم، والمتوقف عَلَى متوقف عَلَى أمر متوقف عَلَى ذلك الأمر.

الثاني: أن حكم الحاكم بالدين متوقف عَلَى الإعذار لكلّ الورثة، والحمل من جملتهم، ولا يتقرر الإعذار فِي حقّه إِلا بوصيٍ عَلَيْهِ أو مقدم، وكلاهما يستحيل قبل وضعه. فتأمله.

ومن تمام كلام ابن رشد: " فإذا توفي الرجل وله زوجة وجب أن لا يعجل قسم الميراث حتى تسأل المرأة هل بها حمل أم لا؟، فإن قالت: أنا حامل وقفت التركة حتى تضع أو يظهر أنها ليس بها حمل بانقضاء أمد عدة الوفاة وليس بها حمل ظاهر، وإِن قالت: لست بحاملٍ قبل قولها وقسمت التركة، وإِن قالت لا أدري أخر قسم التركة حتى يتبين أنها ليس بها [حمل] (٣)؛ بأن تحيض حيضة، أو يمضي أمد العدة وليس بها ريبة من حمل. قَالَ ابن عَرَفَة: ظاهره أنّه لا يشترط فِي عدة الوفاة فِي ذات الحيض حيضتها فِي العدة، وقد تقدم ما فيه من الخلاف.

وفِي بعض التعاليق: أن القاضي ابن زرب بعث إليه القاضي ابن السليم بعَصَبَةِ ميّت وزوجةٍ له، ادعت أنها حامل، وأكذبها العصبة. قَالَ ابن زرب: فقلت لها: اتقي الله، ولا تدّعي الحمل، وليس بك حمل، وربما كانت علة فِي الجوف تسميها الأطباء الرحا، تظن المرأة أنها حامل ولا حمل بها، فقالت: أنا حامل، وما أرسلنا إليك ابن السليم إِلا عَلَى أنّك فقيه لا عَلَى أنك طبيب، فتبسمت ضاحكاً، وعجبت من حدتها، وتمادت عَلَى ادعاء


(١) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ١٢/ ١١٧، ١١٨.
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ١)، الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>