للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المغاير لمسمى ملكه لعطفه عَلَيْهِ إنما يصدق عَلَى الفناء وليس انتفاعه بِهِ كانتفاعه بملكه، إذ يجوز كراؤه ملكه مُطْلَقاً، وأما فناؤه ففي سماع ابن القاسم من مالك لأرباب الأفنية التي انتفاعهم بها لا يضر بالمارة أَن يكروها. ابن رشد: لأن كلّ مَا للرجل أَن ينتفع بِهِ فله أَن يكريه (١). ابن عرفة: وهذه كلّية غير صادقة؛ لأن بعض مَا للرجل أَن ينتفع بِهِ لا يجوز لَهُ أَن يكريه كجلد الأضحية وبيت المدرسة للطالب ونحوه، وفناء الدار هو مَا بين يدي بنائها فاضلاً عن ممر الطريق المعدّ للمرور غالباً كَانَ بين يدي بابها أَو غيره، وكَانَ بعض شيوخنا يشير إِلَى أنّه الكائن بين يدي بابها وليس كَذَلِكَ؛ لقوله فِي كتاب القسم من " المدونة ": وإِن قسما داراً عَلَى أَن يأخذ كلّ واحد طائفة، فمن صارت الأجنحة فِي حظه فهي لَهُ، ولا تعد من الفناء، وإِن كانت فِي هواء الأفنية وفناء الدار لهم أجمعين الانتفاع بِهِ (٢). انتهى. والمقصود منه مَا اشتمل عَلَيْهِ من الفوائد، وأما المناقشة فشأنها سهل.

وافْتَقَرَ لإِذْنٍ، وإِنْ مُسْلِماً، إِنْ قَرُبَ، وإِلا فَلِلإِمَامِ إِمْضَاؤُهُ أَوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّياً. بِخِلافِ الْبَعِيدِ، ولَوْ ذِمِّيَّاً بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَالإِحْيَاءُ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ وبِإِخْرَاجِهِ، وبِبِنَاءٍ، وبِغَرْسٍ، وبِحَرْثٍ، وتَحْرِيكِ أَرْضٍ. وَبِقَطْعِ شَجَرٍ، وبِكَسْرِ حَجَرِهَا وبِتَسْوِيَتِهَا. لا بِتَحْوِيطٍ ورَعْيِ كَلإٍ، وحَفْرِ بِئْرٍ لِمَاشِيَةٍ. وجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ، وعَقْدُ نِكَاحٍ، وقَضَاءُ دَيْنٍ، وقَتْلُ عَقْرَبٍ، ونَوْمٌ بِقَائِلَةٍ، وتَضْيِيفٌ بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ، وَإِنَاءٌ لِبَوْلٍ إِنْ خَافَ سَبُعاً كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ، ومُنِعَ عَكْسُهُ وكَإِخْرَاجِ رِيحٍ، ومُكْثٍ بِنَجَسٍ.

قوله: (وافْتَقَرَ لإِذْنٍ) فاعل افتقر يعود عَلَى الموات بحذف مضاف أي: وافتقر إحياء الموات.


(١) انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: ٩/ ٣٤٢، كتاب السلطان، من كتاب أوله تأخير صلاة الإمام في الحرس، من سماع ابن القاسم، ونص المسألة: (وسئل مالك عن الأفنية التي تكون في الطرق، يكريها أهلها، أترى ذلك لهم، وهي طريق للمسلمين؟ فقال: أما كل فناء ضيق إذا وضع شيء أضر ذلك بالمسلمين في طريقهم فلا أرى أن يمكّن أحد من الانتفاع به، وأن يمنعوا، وأما كل فناء إن انتفع به أهله لم يضيق على المسلمين في ممرهم شيئا لسعته لم أر بذلك بأسا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار " فإذا وضع في طريق المسلمين ما يضيق به عليهم فقد أضر بهم).
(٢) انظر: المدونة، لابن القاسم: ١٤/ ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>