للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى زَرْعِ جَارِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ، وأَخَذَ يُصْلِحُ)، فاقتضى كلامه أَن ابن يونس رجّح أَن الواجد لا يأخذه إِلا بالثمن فيهما، وهو موافق للمدونة فِي الأول، ومخالف لَهَا فِي الثاني، وذلك أنّه قال فِي " المدونة ": وكل من حفر فِي أرضه أَو داره بيراً فله منعها ومنع مائها، ومنع المارة من مائها إِلا بثمن (١).

فقال ابن يونس: لَمْ ير هاهنا أَن يأخذوه بغير ثمن إِن كَانَ معهم، وقال فِي الذي انهارت بيره، وخاف عَلَى زرعه أَن لَهُ أَن يسقي بماء جاره الذي يجوز لَهُ بيعه بغير ثمن، وإحياء نفسه أعظم من إحياء زرعه، والأولى فِي كلا الأمرين أَن يأخذ ذلك بالثمن كما لَو مات جمله فِي الصحراء لكان عَلَى بقية الرفقة أَن يكروا منه. زاد أبو إسحاق التونسي: إِلا أَن يكون أراد أَن فضل ماء جاره لا ثمن لَهُ فلا يقدر عَلَى بيعه فيصحّ حينئذٍ الجواب، ويكون هذا الماء الذي باعه من المسافرين لَهُ ثمن، فيكون اختلاف الجواب لاختلاف المعنى.

أبو الحسن الصغير: وفرق بعضهم بأن المسافرين مختارون لسبب السفر، والذي انهارت بيره ليس بمختار. انتهى. وقد قال المصنف فِي باب الصيد: (ولَهُ الثمن إِن وجد).

وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ، ولَهُ عَارِيَةُ آلَةٍ ثُمَّ حَاضِرٍ، ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا.

قوله: (وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ، ولَهُ عَارِيَةُ آلَةٍ ثُمَّ حَاضِرٍ، ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا) الضمير فِي ربِّها يعود عَلَى البئر، يريد ثم دابّة المسافر ثم دابّة الحاضر، ولَمْ يصرّح بِهِ اكتفاءً بما ذكر فِي أربابها، والذي فِي " المقدمات " وجه التبدئة فِي الشرب فِي بئر الماشية: إِذَا اجتمع أهل البئر والمارة وسائر الناس والماء يقوم بهم أَن يبدأ أولاً أهل الماء فيأخذون لأنفسهم حتى يرووا، ثم المارة حتى يرووا، ثم دوابّ أهل الماء حتى يرووا، [ثم دوابّ المارة حتى يرووا] (٢)، ثم مواشي أهل الماء حتى يرووا، ثم الفضل لسائر مواشي الناس (٣).


(١) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٤/ ٣٩٠.
(٢) مَا بين المعكوفتين ساقط من (ن ١)، و (ن ٢).
(٣) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: ٢/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>