للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أَحَدهمَا: أنا وسكت الآخر فلا بأس أَن يسأله عن دعواه، وأحب إليّ أَن لا يسأله حتى يقر خصمه بذلك.

فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ، قَالَ وكَذَا شَيْءٌ، وإِلا لَمْ تُسْمَعْ كَأَظُنُّ، وكَفَاهُ بِعْتُ، وتَزَوَّجْتُ، وحُمِلَ عَلَى الصَّحِيحِ.

قوله: (فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ، قَالَ وكَذَا شَيْءٌ، وإِلا لَمْ تُسْمَعْ كَأَظُنُّ).

ابن عبد السلام: لا يقال إِن العلم والتحقيق مترادفان أَو كالمترادفين، فالإتيان بقوله: معلوماً. يغني عن قوله: محققاً، لأنا نقول: المعلوم راجع إِلَى تصور (١) المُدَّعَى فيه، فلابد أَن يكون متميزاً فِي ذهن المدعي والمدعى عَلَيْهِ، وفِي ذهن القاضي والمحقق راجع إِلَى جزم المدعي لأنّه مالك لما وقع النزاع فيه، فهو من نوع التصديق، فقد رجع كلّ واحدٍ من اللفظين لمعنى غير المعنى الذي رجع إليه [الآخر] (٢) فلاشتراط العلم، لا يسمع: لي عَلَيْهِ شيء، ولاشتراط التحقيق، لا يسمع: أشكّ أَن لي عَلَيْهِ كذا أَو أظن ومَا أشبهه. انتهى.

وأصل هذه العبارة لابن شاس قال: أولاً والدعوى المسموعة هي الصحيحة، وهي أَن تكون معلومة محققة، فلو قال لي عَلَيْهِ شيء لَمْ تسمع دعواه (٣). ابن عرفة هو نقل " النوادر " عن " المجموعة " عن عبد الملك قال: إِذَا لَمْ يعين المدعي دعواه مَا هو وكم هو لَمْ يسأل المدعى عَلَيْهِ عن دعواه حتى يبينه الطالب فِي طلبه فيسأل حينئذ المطلوب عن دعواه. ونقله المازري عن المذهب وقال: وعندي لَو قال الطالب: أتيقن عمارة ذمة المطلوب بشيءٍ أجهل مبلغه وأريد جوابه بذكره مفصلاً أَو إنكاره جملة لزمه الجواب.

ثم قال ابن شاس: وكَذَلِكَ لَو قال أظن إِن لي عَلَيْكَ شيئاً أَو قال: لك علي كذا أَو أظن أني قضيته لَمْ يسمع (٤). قال ابن عرفة فاختصره ابن الحاجب بقوله: وشرط المدعي


(١) في (ن ٣): (حضور).
(٢) في (ن ١): (والآخر).
(٣) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ٣/ ١٠٧٥.
(٤) السابق نفس الصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>