للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكحت فِي عدتها ففسخ نكاحها وحرمها عَلَى زوجها لكان القدر الذي ثبت من حكمه فسخ النكاح فحسب، وأما تحريمها فِي المستقبل فمعرّض للاجتهاد، وتبعه ابن الحاجب (١).

قال ابن عرفة: وقد قبلوه وهو صواب فِي مسألة المعتدة، وأما فِي رضاع الكبير فغير صحيح أَو فيه نظر وبيانه أَن علة منع حكم الثاني بِخِلاف حكم الأول، هو كون حكم الثاني رافعاً لمتعلق حكم الأول بالذات، وهذا لأنّه دار معه وجوداً وعدماً، أما وجوداً (٢) ففي أمثال حكم الحاكم الثاني بكون المبتاع الأول فيما باعه الآمر والمأمور أحق بالمبيع، ولَو قبضه المبتاع الثاني بعد حكم الحاكم الأول فإن قابضه أحقّ.

وأما عدماً ففي جواز حكم عمر وعلي - رضي الله تعالى - عنهما بِخِلاف مَا حكم بِهِ من قبلهما في (٣) قسم الفيء (٤) وتقرر فِي أصول الفقه اعتبار الدوران، إِذَا ثبت هذا ونظرنا وجدنا حكم الثاني فِي مسألة الناكح فِي العدة غير رافعٍ لنفس متعلق الحكم الأول؛ لأن متعلق حكمه بالذات الفسخ، والتحريم تابع لَهُ، فلم توجد علة منع حكم الثاني فيها، ووجدنا حكم الثاني فِي مسألة رضاع الكبير رافعاً لنفس متعلق حكم الحاكم الأول بالذات، وهو تحريم رضاع الكبير، وفسخ نكاح الكبير تابع لهذا المتعلق بالذات لا أنه (٥) متعلق حكمه بالذات، فيجب منع حكم الثاني عملاً بالعلة الموجبة لمنعه، فتأمله.


(١) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ٣/ ١٠١٥، وقال ابن الحاجب: (والحكم بالفسخ لمعارض اجتهادي لا يقتضي الفسخ إذا تجدد السبب ثانياً بل يكون معرضاً للاجتهاد كفسخ النكاح برضاع الكبير ونكاح امرأة في عدتها) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٤٦٢.
(٢) في (ن ١): (وجود).
(٣) في (ن ١): (من).
(٤) يعني ما فعله عمر من إبطال سهم المؤلفة قلوبهم لعدم توفر الدواعي، قال الطبري رحمه الله: (قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأتاه عيينة بن حصن: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، أي، ليس اليوم مؤلفة) انظر: تفسير الطبري: ١٠/ ١٦٣، وانظر ما ساقه الجصاص في أحكام القرآن من فعل عمر رضي الله عنه في هذا الخصوص: ٤/ ٣٢٥، وانظر إرشاد الفحول، للشوكاني: ٢/ ٣٧٣، وقال في الروض المربع، للبهوتي: (الصنف الرابع المؤلفة قلوبهم. . . يعطى ما يحصل به التأليف ثم الحاجة فقط، فترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم لعدم الحاجة إليه في خلافتهم، لا لسقوط سهمهم) انظر: ١/ ٤٠١.
(٥) في (ن ١): (لأنه).

<<  <  ج: ص:  >  >>