للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وترك التسبب المعتاد لأجلها، وهو من المصالح العامة وإِلا لَمْ يجد الإنسان من يشهد له بيسر، وأخذها من يحسن [١٢٩ / أ] كتب الوثيقة فقهاً.

وعبارة: (عَلَى [كتبه] وشهادته) لا يختلف فيه، ثم قال ابن المناصف: الأولى لمن قدر واستغنى ترك الأخذ، وعلى الأخذ تكون الأُجْرَة معلومة مسماة، وتجوز] (١) بما اتفقا عَلَيْهِ من قليل وكثير ما لَمْ يكن المكتوب له مضطراً للكاتب، إما لقصر القاضي الكتب عَلَيْهِ، لاختصاصه بموجب ذلك، وإما لأنّه لَمْ يجد بذلك الموضع غيره، فيجب عَلَى الكاتب أن لا يطلب فوق ما يستحق؛ فإن فعل فهو جرحة، وإِن لَمْ يسميا شيئاً ففيه نظر، وهو عمل الناس اليوم.

وهو عندي محمل هبة الثواب، فإن أعطاه قدر أجر المثل لزمه، وإلا كَانَ مخيراً فِي قبول ما أعطاه، وتمسكه بما كتب له، إِلا أن يتعلق بذلك حق للمكتوب له فيكون فوتاً، ويجبران على (٢) أجر المثل. ابن عرفة: وما زال الناس يعيبون أخذ الأُجْرَة فِي أكثر حوانيت الشهود بتونس؛ لأنهم يقسمون ما تحصّل لهم آخر عملهم عَلَى ثلاثة أجزاء، جزآن للشاهدين، وجزء لمن يُوثّق، وهو أكثر من واحد، وعمل الموثقين فِي الأكثر أكثر من عمل الشاهد؛ لأنّه مجرد كتب اسمه فِي الأكثر، وربما صرّح بعضهم بحرمة فعلهم.

ولقد أخبرني ثقة: أن شيخنا القاضي أبا محمد الأجمي (٣) أهدى إليه صهره أبو زوجه القاضي أبو علي بن قداح لبناً فشربه ثم أخبره أنّه أهداه له من يأخذ الأجر فِي شهادته فقام فقاءه، واستغرب المخبر حاله؛ لأنّه لما شهد طلع الحانوت، وكان يأخذ الأجر عَلَى شهادته، ثم أخبرني ثقة: أن الشاهد الذي كَانَ يشهد معه والموثقين كانوا يعطونه كل يوم ديناراً ذهباً، ويأخذ كل موثق منهم أكثر من ذلك، وكان الموثقون ثلاثة أَو أكثر.

قال ابن عرفة: فسلّمه الله من القسمة الفاسدة المتقدم ذكرها.


(١) إلى هنا ينتهي ما سقط من: (ن ٢).
(٢) في (ن ١): (ويجبر على أن).
(٣) في (ن ١): (الأجهي).

<<  <  ج: ص:  >  >>