للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عبد السلام مخالفاً فِي ظاهره؛ لقوله فِي آخر كتاب الرجم من " المدونة ": وإِن أقرّ القاضي أنّه رجم أَو قطع الأيدي أَو جلد؛ تعمداً للجور قيد منه (١). عَلَى أن ابن الحاجب تابع لابن شاس (٢) وابن شاس تابع للإمام المازري؛ فإنّه قال: لَو أن القاضي علم بكذب الشهود، [فحكم بالجور وأراق هذا الدم كَانَ حكمه حكم الشهود] (٣) إِذَا لَمْ يباشر القتل بنفسه، بل أمر بِهِ من تلزمه طاعته، ولو أن ولي الدم علم بكذب الشهود فِي شهادتهم، وبأن (٤) القاضي علم بذلك فقتل المشهود عَلَيْهِ بقتل وليه لاقتص منه بلا خلاف، عند المالكية، والشافعية. وقول أبي حنيفة: لا يقتل (٥) كالشهود، خيال فاسد. انتهى.

وبعد ما عضد ابن عرفة ما فِي " المدونة " بأن مثله فِي النوادر من رواية ابن القاسم، ومن رواية ابن سحنون عن أبيه: أن ما أقر بِهِ القاضي من تعمد جور أَو قامت عَلَيْهِ بِهِ بينة يوجب عَلَيْهِ القصاص قال: قد يفرق بين هذه المسائل ومسألة المازري بأن محمل هذه المسائل: أنّه أقر بالعداء (٦) والجور دون استناد منه لسبب ظاهر، وهو (٧) فِي مسألة المازري مستند فِي الظاهر لسبب، وهو البينة المذكورة، والاستناد إِلَى السبب الظاهر وإِن كَانَ كاذباً له أثر وشبهة، كقوله فِي " المدونة ": إِن لمن قذف، وهو يعلم من نفسه صدق قاذفه فيما رماه بِهِ أن يقوم بحدّه (٨) خلافا لابن عبد الحكم.


(١) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٤/ ٤٢١.
(٢) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ٣/ ١٠٥٩.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ١).
(٤) في الأصل: (وأبان).
(٥) في الأصل: (بقتل)، وفي (ن ١): (يقبل).
(٦) في الأصل: (أقرت بالعد).
(٧) في (ن ٢): (وهي).
(٨) انظر: المدونة، لابن القاسم: ١٦/ ٢١٤ ونصها: (سئل عن الرجل يقال له: يا زاني، وهو يعلم من نفسه أنه كان زانيا، أترى أن يحل له أن يضربه أم يتركه؟ قال: بل يضربه ولا شيء عليه)، وانظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٤/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>