يتوب عليهم، أو بدوامهم على الشرك يعذبهم، لا أن القنوت منسوخ بالآية التي ذكرناها".
قلت: وهذا هو الراجح، فإن المتأمل لهذه الآية:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} لا يجد فيها نهياً صريحاً، وإنما يجد أدباً رفيعاً، ومنهجاً قويماً، في معالجة قضية النصر والهزيمة، فإن الآية نزلت في سياق أُحد، وما حصل في أحد، فتأثر المسلمون لما حصل تأثراً بليغاً، وراح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلعن بعض الكافرين ويقول:((كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم)) وكأنه - صلى الله عليه وسلم - قطع طريق الهداية على أولئك النفر الذين فعلوا ما فعلوا، وخشية أن يعتقد المسلمون أن السبب الأول والرئيس للهزيمة، هو: هؤلاء الملعونون، وليس مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتنازع؛ أنزل الله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}.
ثم ذكر الله بعد ذلك الأسباب الحقيقة الكامنة وراء الهزيمة.