ذهب بعض أهل العلم إلى سنية المداومة على القنوت في صلاة الفجر، محتجين بالأحاديث السابقة:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت في صلاة الفجر ... " ولا خلاف في أنه قنت في الفجر، ولكن الخلاف في ديمومته عليه! والروايات التي احتجوا بها على المداومة هي بين صحيح غير صريح، وصريح غير صحيح! .
ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدليل صحيح صريح، أنه - صلى الله عليه وسلم - داوم على القنوت في صلاة الفجر، لحاجة أو لغير حاجة، وبنازلة أو بغير نازلة، بل لم يثبت فعله لغير حاجة، وحَسْبُ المتَّبِع هذا الدليل، أعني: عدم مداومة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه في صلاة الفجر، وبلغة علم الأصول:"التَرْك حجة على التَرْك" على التفصيل المعروف في أصول الفقه؛ لأن عدم تعبد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبادة ما، دليل وحجّة على عدم جواز فعلها، فإن الأصل في العبادات الاتباع، وكل ما لم يكن اتباعاً في العبادات كان ابتداعاً، وأصل البدع: فعل ما لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعبداً.