للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلّما استشعر الداعي بعجزه وفقره، وقوة مدعوه وغناه، وقدرته وكرمه، ازداد إقبالاً عليه، وألحّ على مولاه، وطابت نفسه بدعائه.

وكلما استأنس الداعي بقرب مدعوه، واستماعه له، ورؤية حاله، وحبه تلبية دعاء داعية الموحد الصادق، وأنه هو الواحد الذي بيده الاستجابة ومنعها، وبيده الأمر كله، ازداد بذلك إيماناً، وازداد دعاءً {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠].

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: ٦٢].

وكلما استشعر الداعي برحمة الله -المدعو- وفضله، ولطفه وحكمته، أضفى ذلك عليه شعوراً بالاطمئنان، وثقة في النفس، وإيناساً بالمدعو، واستخفافاً بالدنيا ومن فيها، واحتقاراً للأرض ومن عليها، إلا ذكر الله وما والاه، واستعظاماً للآخرة وما فيها، من طمع في دخول الجنّة، وشوق للقاء الرحمن.

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: ٨٥]. فأيّ مقام أعظم من هذا المقام؟ وأي لقاء أكبر من هذا اللقاء؟ لقاء الأنس والأمان، ومقام المهابة والجلال، فإذا اختلج هذا في قلب

<<  <   >  >>