هذا كتاب نفيس طالما تشوق إليه الباحثون في التراث العربي. فهو يتعلق بتراجم أعلام حاضرة أندلسية، هي مالقة، كان لها دور مهم في بناء الحضارة والثقافة في دولة الإسلام بالأندلس. وهو بموضوعه هذا يمثل أحد كتب التراجم البلدانية الأندلسية التي نجت من التلف رغم عوادي الزمان وأحداث الضياع التي أصابت التراث العربي في هذا القطر.
فهو بتراجم رجاله يكشف عما كانت تعرفه حاضرة مالقة من علم ونشاط في ممارسته تحصيلا وتدريسا وتأليفا. وهو بما يحتفظ به من حديث عن هؤلاء الرجال وآدابهم وسلوكهم وتصوراتهم ومواقفهم يقرب لنا بيئة الأندلس في حواضرها ومجالس علمائها وما كان يجري في ساحات الدرس بين طلبتها وأساتذتها.
فهو يسد ثغرة كبيرة في تاريخ وأدب هذا الأندلس في التراث العربي، فيختص بما أنتجه رجال مالقة من علم وأدب وما ساهموا به من جهتهم في تجلية الصورة الثقافية العامة والخاصة في الأندلس. ولم يكن غيره ليسد ذلك طالما أنه ينفرد بالعديد من هذه التراجم والعديد من نصوص الأدب التي ارتبطت بأصحاب هذه التراجم شعرا ونثرا.
ورغم الضرورة التي كانت تلح وبشدة على نشر هذا الكتاب والعمل على تحقيقه وتيسير الاستفادة منه، فقد كانت هناك موانع متعددة تحول دون ذلك.
فالكتاب في أصله يوجد في نسخة خطية وحيدة. ومن سوء الحظ أن ناسخ هذا الأصل الفريد لم يكن ممن يتقن عمل النسخ، فوقع في النص التحريف والتصحيف وداخله الإسقاط والزيادة والتغيير. وهي الموانع التي ظلت تحول دون