الخمسينات من هذا القرن، وبالضبط في سنة ١٩٥٧ حينما تبادل الأستاذان العمل وعقدا النية على إخراج الكتاب وتحقيقه. وقد حدثني سيدي وأستاذي محمد المنوني بعد أن مكنني من نسخة مرقونة على الآلة الكاتبة تخص عمله وعمل الأستاذ محمد بن تاويت التطواني ﵀ أن العمل في هذا الكتاب كان قد تقاسمه ثلاثة أساتذة على أن يتولى معهد مولاي الحسن بتطوان طبع الكتاب كاملا بعد إنجاز تحقيقه.
فأخذ الأستاذ سيدي محمد المنوني الثلث الأول، وأخذ الأستاذ محمد بن تاويت الثلث الثاني - وقد تصير عملهما المرقون إليّ، ليمثل نسخة الأصل الرابع الذي اعتمدت عليه في تخريج هذا الكتاب وتحقيقه - وأخذ أحد الأساتذة، ولم أتعرف عليه بعد ولا أملك عمله بين يدي، الثلث الأخير من الكتاب.
وقد بقي أصل الكتاب المخطوط بتطوان بيد الأستاذ محمد بن تاويت التطواني ﵀ ما يزيد على سنة.
إلا أن هذه المحاولة رغم جدية أصحابها واتساع علمهم في الموضوع، لم تنجح في إخراج الكتاب محققا أو في تحرير نسخة سليمة منه تغني عن المخطوط وصعوبته في القراءة. فقد جاء المرقون في عمل الأستاذين سيدي محمد المنوني ومحمد بن تاويت التطواني، كثير البياض لانغلاق خط الناسخ في الأصل في بعض الأحيان وعدم وضوحه، مع كثرة التصحيف والتحريف بالتقديم والتأخير والإسقاط والتغيير بالزيادة أو بالنقصان أو بغيرها. الأمر الذي حال دون إخراج نصوص الكتاب، ما لم تكن مواد هذه النصوص متوافرة في نسخ أخرى منه، أو في مصادر ومراجع اتفقت في إيراد تلك النصوص، أو سبق لها النقل من كتاب أعلام مالقة.
وبالفعل فقد كان إخراج كتاب أعلام مالقة في هذا الظرف بالذات سابقا لأوانه، إذ كان الكثير من المصادر الأدبية والتاريخية الأندلسية والمغربية والتي يمكن الاستعانة بها، ما تزال مخطوطة أو محجوبة، لم تحقق ولم تنشر موادها. ومعلوم أن هذه المصادر تضم كثيرا من المواد الأدبية والتاريخية مما هو وارد في أعلام مالقة، فكان ظهورها ونشرها يساعد من قريب أو بعيد على قراءة عدد من نصوص كتاب أعلام مالقة.
ولذلك كانت المرقونة التي أمدني بها الشيخ الجليل سيدي محمد المنوني يزاحمها بياض في كثير من موادها، مما استعصى على القائمين على العمل فيها سابقا أن يتخذوا منها عملا لتحقيق الكتاب أو تخريج نصه.