غير أن هذه المحاولة التي أمدني بنصها المرقون الأستاذ محمد المنوني، تضع بين يدي في النهاية نسخة أخرى من الكتاب، هي التي أطلقت عليها نسخة الأصل الرابع. وهي وإن لم تكن نسخة تامة تضم المعروف من كتاب أعلام مالقة، إلا أنني استفدت منها كثيرا في القراءة، واستعنت بها في كثير من الأحيان في ترجيح الصيغة الأصل باعتبارها تمثل قراءة اجتهادية لعالمين كبيرين يدين لهما التراث العربي في المغرب والأندلس بالفضل الكبير. لا سيما وقد خبرا المخطوطة المذكورة وعايشا موادها وخط ناسخها، وتأملا ما فيه الكفاية فيها.
٢ - وتتابعت المحاولات الأخرى في إخراج نص الكتاب. فقد قام بعض الأساتذة الأسبان من المستعربين بمحاولة جريئة لاقتحام مواد هذا الأصل من الكتاب، ورغم أني لم أطلع على ما أنتجته هذه المحاولة، إلا أن مآلها كان كالمحاولة السابقة. فلم يظهر للكتاب ذكر وكان الاضطراب والتصحيف والنسخة الوحيدة هي العوائق الكبرى في عدم إخراج الكتاب. ورغم أن أصل الكتاب المخطوط قد أصبحت له صورة على الورق في الخزانة الحسنية تحت رقم ١٠٥٥، وأصبحت له صورة على الشريط في الخزانة العامة بالرباط، وأصبحت له عدة مصورات على الورق عند كثير من المهتمين بالتراثين الأندلسي والمغربي في المشرق والمغرب وفي العديد من المكتبات الخاصة والعامة، بحيث اتسع الاطلاع على مخطوط أعلام مالقة والاستفادة منه - رغم كل هذا فإن العمل في تحقيق الكتاب لم يجرؤ عليه أحد للموانع السابقة المتقدمة الذكر.
٣ - وفي هذا الظرف بالذات وفي سنة ١٩٨٠ أو قبيلها بقليل تأتي محاولة إخراج نسخة مقروءة - على الأقل - من الكتاب المذكور، معتمدة في ذلك على مصورة من مصورات المخطوط الأصلي، ومستهدفة تجاوز الموانع السابقة، وذلك بالوقوف عند النص وقفة متأنّية يطبعها التأمل والمراجعة، ومعاناة قراءة مواده وتصويب ما تحتمله الصيغ المفترضة عند هذه القراءة، إن كان في النص ما يستعصي الحسم فيه لنقص أو زيادة أو تحريف.
هذه المحاولة هي التي قام بها العبد الضعيف الذي يعمل اليوم على إخراج هذا الكتاب والتقديم له. وحينما أقول بأن هذه المحاولة قد قامت على معاناة قراءة النص، فلأن ما استحضرته من مصادر مساعدة وما استنفدته من وقت للتأمل وما هيأته من ظروف الاستعداد لمراجعة الاحتمالات في القراءة وتقبل اختياراتها تقويما