وتصويبا وتوجيها واستيفاء المرجحات في ذلك مع الاستعانة بما كان قد أفاد به النشر من مصادر ومراجع في التراث المغربي والأندلسي - كان شيئا كثيرا لا يقدره إلا من اطلع على نص الكتاب في أصله المخطوط وعانى قراءته في تلك الصورة وقارن بينه وبين الوضع الذي آل إليه في الصورة المقروءة التي نقدمها اليوم إلى القارئ. فهو جهد كبير خدمت به العلم، وأرجو من الله أن يتقبله مني ويثيبني عليه بفضله وخيره.
ولم أكن أهدف في ذلك أكثر من تهيئة نسخة من الكتاب أعتمد عليها أنا وغيري في القراءة، وبخاصة عند النقل منها أو الإحالة عليها وعلى موادها. ورغم أن هذه النسخة قد ظلت ناقصة في بعض الصفحات التي استعصت فيها القراءة لعدم وضوحها في الصورة المذكورة، وظلت فيها بعض البياضات وإن كانت قليلة نسبية، فإن هذه المحاولة في الأخير قد أثمرت نسخة مقروءة في عمومها لكتاب أعلام مالقة وإن لم تكن تامة. أكثر صفحاتها بخط يدي، والعديد منها مرقون على الآلة الكاتبة.
هذه النسخة هي التي أعطت نسخة الأصل الثالث الذي اعتمدت عليه في تخريج هذا الكتاب اليوم وتحقيق مواده.
٤ - وتأتي محاولة أخرى في الموضوع فتعتمد على نسختي الخطية السابقة المتقدم ذكرها، وتعاني قراءة ما لم أتمكن من قراءته، وتصويب ما زلّ به النظر عندي، أو مال القلم فيه لدي. هذه المحاولة هي التي قام بها الفقيه سيدي محمد بن الأمين بوخبزة، وقد استخرج معها نسخة شبه تامة من النص الموجود من الكتاب.
وهي نسخة في عمومها مقروءة قليلة البياض، مهرها الفقيه المذكور بخطه المغربي المدموج. وتوجد منها مصورة على الشريط بالخزانة العامة بالرباط، كما توجد منها مصورات على الورق أخذت من الأصل المخطوط مباشرة، عند بعض المهتمين بالتراث المغربي والأندلسي ممن لهم علاقة ما بالفقيه بوخبزة.
وقد كان الفقيه بوخبزة أمينا في رسم الصورة التي تولدت معها هذه النسخة، والتعريف بالأصول الخطية التي اعتمد عليها في النقل. ولذلك شرح في خاتمة نسخته الظروف التي تمت فيها هذه المحاولة، والكيفية التي ابتدأ بها عمل النسخ في هذا الكتاب والمآل الذي انتهى به إليه. فيذكر في الصفحة الأخيرة من نسخته ما نصه: «… انتهى ما وجد من هذا الكتاب، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. وكان ابتداء نقله من مصورة الأخ الشريف السيد محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني الفاسي المأخوذة