عن ميكروفيلم محفوظ بالخزانة العامة برباط الفتح، عن النسخة الوحيدة المعروفة لهذا الجزء المملوكة لأحد فضلاء مدينة مكناس، في نحو عام ثمانين وثلاثمائة وألف. وتوقفت عن النسخ مرارا لرداءة الصورة وكثرة التحريف والتصحيف في الأصل، حتى أعارني الأخ الأستاذ الباحث بلديّنا عبد الله بن محمد المرابط الترغي صورته من النسخة وأوراقا بخطه تمثل نحو ثلثي الكتاب عانى فيها إخراج نسخة تامة. فاستعنت بهما، وأتممت هذه النسخة على ما فيها في صيف عام سبعة وأربعمائة وألف. وبالله التوفيق. وكتب محمد بن الأمين بوخبزة الحسني عفا الله عنه بمنه آمين».
وقد أمدتني محاولة الفقيه بوخبزة هذه بنسخة مقروءة وشبه تامة من النص الموجود من الكتاب. وهي النسخة التي أطلقت عليها: نسخة الأصل الثاني. وقد اعتمدت عليها في إخراج هذا الكتاب اليوم وتحقيقه.
٥ - وتأتي آخر المحاولات ليكتمل بها الكتاب في صورته النهائية التي أقدمه بها إلى المطبعة. وتقوم هذه المحاولة على القراءة المتأنية للنص قراءة سليمة، اعتمادا على نسخ الأصول المتقدمة الذكر، ومعاناة قراءة ما تبقى أو ظل غامضا، وإعادة قراءة ما كان في حاجة إلى تقويم أو تصحيح أو ترجيح. وقد أعطت هذه المحاولة الصيغة النهائية التي استقر عليها كتاب أعلام مالقة ليكون جاهزا للطبع وتقديمه نصا سائغا إلى القارئ.
وهكذا كانت عملية إخراج نسخة سليمة من الكتاب وتحقيق نصه اليوم - بما تحمله هذه العملية من مجهود صاحبها - تستوعب محاولة السابقين من الأساتذة في قراءة مواده، وتستعين بمجهودهم في ذلك. فهي قراءة اجتهادية تسعى إلى الصواب وترجيح صيغه في أصل أثّر فيه الناسخ، فداخله الكثير من التحريف والتصحيف والسقط. وهي في الأخير معاناة لهذا النص لتستقيم قراءته ولو في مستوى من مستويات هذه الاستقامة، حسب ما بذله المحقق من جهده، وحسب ما تيسر له من معارف، وحسب ما أتاه الله من رشد وفضل. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.