للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- بعد رواية الأثر المتقدم -، عن ابن عباس (في) (١) نسخ القبلة، عن عطاء، عنه: وروي عن أبي العالية، والحسن، وعطاء الخراساني، وعكرمة، وقتادة، والسدي، وزيد بن أسلم نحو ذلك.

وقال ابن جرير (٢): وقال آخرون: بل أنزل الله هذه الآية قبل أن يفرض التوجه إلى الكعبة؛ وإنما (أنزلها تعالى) (٣) ليعلم نبيه وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب؛ لأنهم لا يوجهون وجوههم وجهًا من ذلك وناحيةً إلا كان جل ثناؤه في ذلك (الوجه) (٤) وتلك الناحية؛ لأن له تعالى المشارق والمغارب، وأنه لا يخلو منه مكان؛ كما قال تعالى: ﴿[وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ] (٥) وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة: ٧]، قالوا: ثم نسخ ذلك بالفرض الذي فرض عليهم التوجه إلى المسجد الحرام؛ هكذا قال.

وفي قوله (٦): وإنه تعالى لا يخلو منه مكان إن أراد علمه تعالى فصحيح؛ فإن علمه تعالى محيط بجميع المعلومات، وأما ذاته تعالى فلا تكون محصورةً في شيء من خلقه، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

قال ابن جرير (٧): وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية على رسول الله إذنًا من الله أن يصلي التطوع حيث توجه من شرق أو غرب في مسيره في سفره، وفي حال المسايفة (٨)، وشدة الخوف، حدثنا أبو كريب (٩)، حدثنا ابن إدريس، حدثنا عبد الملك - هو ابن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر - أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته؛ ويذكر أن رسول الله كان يفعل ذلك. ويتأول هذه الآية: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾.

ورواه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، من طرق عن عبد الملك بن


= فأما أثر قتادة فأخرجه الترمذي (٥/ ٢٠٦) قال: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب؛ وابن جرير (١٨٣٥) قال: حدثنا بشر بن معاذ قالا: ثن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة؛ وأخرجه ابن جرير (١٨٣٦، ١٨٣٧) من وجهين آخرين عن قتادة. [وسنده صحيح]. وأما أثر السدي فهو عند ابن جرير (١٨٣٤). [بسند حسن]. وكذلك أثر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (١٨٣٨). [وسنده صحيح]. ووقع في مطبوعة "ابن جرير": " … ابن وهب قال سمعته، يعني زيد، وصوابه: "ابن زيد" وهو عبد الرحمن ".
(١) في (ج): "ثم"!
(٢) في "تفسيره" (٢/ ٥٢٨) وتصرف المصنف في لفظ الطبري قليلًا.
(٣) كذا في (ج) و (ز) و (ض) و (ع) و (ك)؛ وفي (ن): "أنزلها"؛ وفي (ل): "أنزلها الله تعالى".
(٤) في (ك): "التوجيه"!
(٥) من (ن) وهو في "تفسير الطبري".
(٦) تعقب الشيخ شاكر ابن كثير في هذا التنبيه فقال في تعليقه على "تفسير الطبري" (٢/ ٥٢٨): "الذي قاله ابن كثير هو عقيدة أبي جعفر وقد بين ذلك في تفسير سورة المجادلة من "تفسيره" (٢٨/ ١٠)، فلا معنى لتشكك ابن كثير في كلام إمام ضابط من أئمة أهل الحق، وعبارته صحيحة اللفظ، ولكن أهل الأهواء جعلوا الناس يفهمون من عربية الفصحاء معنًى غير المعنى الذي تدل عليه". انتهى.
(٧) في "تفسيره" (٢/ ٥٣٠).
(٨) المسايفة: يعني: المجالدة بالسيف في حال الحرب.
(٩) أخرجه ابن جرير (١٨٣٩) قال: حدثنا أبو كريب، هو محمد بن العلاء؛ وأخرجه أحمد (٥٠٠١) قالا: ثنا عبد الله بن إدريس بهذا الإسناد سواء؛ وأخرجه مسلم (٧٠٠/ ٣٣).