للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الفَتْحِ

وهي مدنية

قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: قرأ رسول الله عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجَّع (١) فيها قال معاوية: لولا أني أكره أن يجتمع الناس علينا لحكيت قراءته (٢). أخرجاه من حديث شعبة به (٣).

﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)﴾.

نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله ، من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام فيقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله تعالى، فلما نحر هديه حيث أُحصر ورجع أنزل الله ﷿ هذه السورة من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصلح فتحًا باعتبار ما فيه من المصلحة وما آل الأمر إليه، كما روى ابن مسعود وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية (٤).

وقال الأعمش: عن أبي سفيان، عن جابر قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية (٥).

وقال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله أربع عشرة مائة. والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله فأتانا فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض


(١) أي: ردد صوته بالقراءة وكيفيته: ءا ءا ءا ثلاث مرات هكذا ذكره البخاري في كتاب التوحيد (ح ٧٥٤) وينظر فتح الباري (٨/ ٥٨٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ٢٤) وسنده صحيح.
(٣) صحيح البخاري، التفسير، سورة الفتح ٤٨٣٥، وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب ذكر قراءة النبي سورة الفتح يوم مكة (ح ٧٩٤).
(٤) يشهد له رواية البخاري عن البراء التالية.
(٥) أخرجه الطبري من طريق الأعمش به ويشهد له ما يليه.