للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ سَبَإٍ

وهي مكية

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢)﴾.

يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠)[القصص]، ولهذا قال تعالى ههنا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: الجميع ملكه وعبيده وتحت تصرفه وقهره، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)[الليل].

ثم قال: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ فهو المعبود أبدًا، المحمود على طول المدى.

وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ أي: في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ﴿الْخَبِيرُ﴾ الذي لا تخفى عليه خافية ولا يغيب عنه شيء.

وقال مالك، عن الزهري: خبير بخلقه، حكيم بأمره (١)، ولهذا قال: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ أي: يعلم عدد القطر النازل في أجزاء الأرض، والحب المبذور، والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك عدده وكيفيته وصفاته ﴿وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ أي: من قطر ورزق، وما يعرج فيها؛ أي: من الأعمال الصالحة وغير ذلك ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾ أي: الرحيم بعباده، فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.

﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)﴾.

هذه إحدى الآيات الثلاث التي لا رابع لهنَّ مما أمر الله تعالى رسوله أن يقسم بربه


(١) سنده صحيح.