للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي سخط من عمل الشيطان (١).

وقال سعيد بن جبير: إثم (٢).

وقال زيد] بن أسلم: أي شر من عمل الشيطان (٣)، ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾ الضمير عائد إلى الرجس؛ أي: اتركوه ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. وهذا أثر غريب.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)﴾ وهذا تهديد وترهيب.

[ذكر الأحاديث الواردة في بيان تحريم الخمر]

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا سُريج، حَدَّثَنَا أبو معشر، عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله عنهما، فأنزل الله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ … ﴾ إلى آخر الآية [البقرة: ٢١٩]. فقال الناس: ما حُرّما علينا إنما قال: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾، وكانوا يشربون الخمر حتَّى كان يومًا من الأيام، صلى رجل من المهاجرين، أمّ أصحابه في المغرب، فخلط في قراءته، فأنزل الله أغلظ منها ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣] فكان الناس يشربون حتَّى يأتي أحدهم الصلاة وهو مُغبق (٤)، ثم أنزلت آية أغلظ منها ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)﴾ قالوا: انتهينا ربنا. وقال الناس: يا رسول الله، ناس قتلوا في سبيل الله، وماتوا على فرشهم، كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رجسًا من عمل الشيطان، فأنزل الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣)﴾: "لو حرّم عليهم لتركوه كما تركتم" (٥) انفرد به أحمد.

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا خلف بن الوليد، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عمر بن الخطاب أنه قال لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في البقرة ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٩]، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في سورة


= ضعيف لضعف عثمان ويتقوى بروايات التابعين، فقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عن سعيد.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بلفظ: "الرجس: الشر".
(٤) كذا في الأصل وفي (حم) وفي (مح): مُغتبق؛ أي شارب إلى آخر النهار (ينظر النهاية ٣/ ٣٤٠)، وفي المسند: وهو مُفيق. قال السندي: من الإفاقة، يريد أنهم أخذوا في الشرب في وقت بعيد عن أوقات الصلاة. ا هـ. وكلا المعنيين متقارب.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه حسن لغيره (المسند ١٤/ ٢٦٨ - ٢٦٩ ح ٨٦١٩).