للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق عن شعبة، عن أبي إياس وهو معاوية بن قرة به.

وهذا أيضًا له تعلق بما تقدم من تعاهد القرآن وتلاوته سفرًا وحضرًا، ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارئ في الطريق، وقد نقله ابن أبي داود، عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق، وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك، وعن الإمام مالك أنه كره ذلك.

كما قال ابن أبي داود: وحدثني أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال: سألت مالكًا عن الرجل يصلي من آخر الليل، فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ منها شيء فقال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق.

وقال الشعبي: تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن: في الحمام، وفي الحشوش، وفي بيت الرحى وهي تدور.

وخالفه في القراءة في الحمام كثير من السلف أنها لا تكره، وهو مذهب مالك والشافعي وإبراهيم النخعي وغيرهم.

وروى ابن أبي داود، عن علي بن أبي طالب أنه كره ذلك، ونقله ابن المنذر، عن أبي وائل شقيق بن سلمة والشعبي والحسن البصري ومكحول وقبيصة بن ذؤيب وهو رواية عن إبراهيم النخعي، ويحكى عن أبي حنيفة، : أن القراءة في الحمام تكره.

وأما القراءة في الحش فكراهتها ظاهرة ولو قيل بتحريم ذلك صيانةً لشرف القرآن لكان مذهبًا. وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه، والحق يعلو ولا يعلى، والله أعلم.

[(تعلم الصبيان القرآن)]

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم.

قال: وقال ابن عباس: توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم.

حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيم أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمعت المحكم في عهد النبي فقلت له: وما المحكم؟ قال: المفصل.

انفرد بإخراجه البخاري (١)، وفيه دلالة على جواز تعلم الصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت رسول الله وقد كان جمع المفصل وهو من الحجرات، كما تقدم ذلك، وعمره إذ ذاك عشر سنين.

وقد روى (٢) البخاري أنه قال: توفي رسول الله وأنا مختون، وكانوا لا يختنون حتى


(١) في "الفضائل" (٩/ ٨٣).
(٢) في "كتاب الاستئذان" (١١/ ٨٨) عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض =