للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الحديث الذي أسنده البخاري أنه أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرًا، فهو مما انفرد به البخاري (١) دون مسلم، وإنما رواه النسائي من حديث شيبان وهو ابن عبد الرحمن، عن يحيى وهو (ابن أبي كثير) (٢) عن أبي سلمة عنهما.

وقال أبو عبيد القاسم (٣) بن سلام: حدثنا يزيد، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦)[الإسراء] هذا إسناد صحيح.

أما إقامتُهُ بالمدينة عشرًا فهذا مما لا خلافَ فيه. وأما إقامتُهُ بمكَّةَ بعد النُّبُوةِ فالمشهورُ ثلاثَ عَشرَةَ سنةً؛ لأنه أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة، وتوفي وهو ابن ثلاثٍ وستينَ سنةً على الصَّحيحِ.


(١) في "صحيحه" (٩/ ٣ - فتح).
وأخرجه النسائي في "الفضائل" (رقم ١) عن حسين بن محمد. وأحمد (٢٦٩٦) حدثنا حسن؛ يعني: ابن موسى الأشيب، قالا: حدثنا شيبان … فذكره.
وهذا إسناد صحيح.
وقال المصنف في "تاريخه" (٥/ ٢٥٧): "لم يخرجه مسلم".
وأخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن" (١٢٦) بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: "كان يقال: أنزل القرآن على نبي الله في ثماني سنين بمكة، وعشرًا بعد ما هاجر". وكان قتادة يقول: "عشر بمكة وعشر بالمدينة".
(٢) في (أ): "ابن كثير".
(٣) في "فضائل القرآن" (ص ٢٢٢).
وأخرجه النسائي في "الفضائل" (١٤، ١٥)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٣٣)؛ والطبري في "تفسيره" (١٥/ ١١٩)؛ والحاكم (٢/ ٢٢٢) من طريق عن داود بن أبي هند بسنده سواء.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٢٠٥) لابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي.
وأخرج الطبراني في "الكبير" (ج ١٢/ رقم ١٢٣٨٢) من طريق عمرو بن عبد الغفار، ثنا الأعمش، ثنا حسان أبو الأشرس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١)﴾ [القدر] قال: "أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا، ونزله جبريل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم".
قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٤٠): "في إسناده عمرو بن عبد الغفار وهو ضعيف".
قلت: لم يتفرد به. فتابعه جرير بن عبد الحميد، وعمار بن رزيق، وأبو بكر بن عياش والثوري فرووه عن الأعمش بسنده سواء تامًا ومختصرًا.
أخرجه النسائي (١٦)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٣٣)؛ والبزار (ج ٣/ رقم ٢٢٩٠)؛ والحاكم (٢/ ٢٢٣) وقال: "صحيح الإسناد".
وتابعه منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير بسنده سواء.
أخرجه الطبري (٣٠/ ١٦٦، ١٦٧)؛ والحاكم (٢/ ٢٢٢، ٥٣٠) وقال: "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٥٣٠) من طريق حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه وقال: "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي! وليس كما قالا؛ فلم يخرج الشيخان لحكيم بن جبير شيئًا، ثم هو ضعيف.