للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر أقوال المفسرين من السلف بنحو ما ذكرناه]

قال السدي في "تفسيره" (١)، عن أبي مالك؛ وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة (الهمداني) (٢)، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة - في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ﴾ زعم أن ناسًا دخلوا في الإسلام مقدم نبي اللّه المدينة، ثم إنهم نافقوا، فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة، فأوقد نارًا؛ ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ﴾ (٣) ما حوله من قذى أو أذًى، فأبصره حتَّى عرف ما يتقى (منها) (٤) فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره، فأقبل لا يدري ما يتقى من أذى (فكذلك) (٥) المنافق؛ كان في ظلمة الشرك، فأسلم، فعرف الحلال والحرام، والخير والشر؛ فبينما هو كذلك إذ كفر فصار لا يعرف الحلال من الحرام، ولا الخير من الشر.

[وقال العوفي، عن ابن عباس (٦)، في هذه الآية؛ قال: أما النور فهو إيمانهم الذي كانوا يتكلمون به. وأما الظلمة فهي ضلالتهم وكفرهم الذي كانوا يتكلمون به؛ وهم قوم كانوا على هدًى ثم نزع منهم فعتوا بعد ذلك] (٧).

وقال مجاهد (٨): ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ﴾ أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى.

وقال عطاء (٩) الخراساني - في قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ قال: هذا مثل المنافق يبصر أحيانًا، وبعرف أحيانًا، ثم يدركه عمى القلب.

وقال ابن أبي حاتم: وروى عن عكرمة، والحسن، والسدي، والربيع (١٠) بن أنس، نحو قول عطاء الخراساني.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (١١) - في قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا … ﴾ إلى آخر الآية؛ قال (١٢): هذه صفة المنافقين، كانوا قد آمنوا حتَّى أضاء الإيمان في قلوبهم، كما أضاءت النار لهؤلاء الذين استوقدوا (﴿نَارًا﴾) (١٣)، ثم كفروا، فذهب الله بنورهم، فانتزعه، كما ذهب بضوء هذه النار، فتركهم في ظلمات لا يبصرون.


(١) وعنه ابن جرير (٣٨٨)؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (١٦٢) عن السدي قوله. [وسنده ضعيف].
(٢) من (ن).
(٣) في (ز): "فأضاءت".
(٤) في (ز) و (ن): "منه".
(٥) كذا في (ز) و (ع) و (هـ) و (ى) ووقع في (ج) و (ك) و (ل) و (ن): "فذلك".
(٦) أخرجه ابن جرير (٣٨٩) وسنده ضعيف كما قدمت.
(٧) ساقط من (ز).
(٨) أخرجه ابن جرير (٣٩٣)؛ وابن أبي حاتم (١٦١) من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وسنده صحيح، وأخرجه ابن جرير (٣٩٥) عن ابن جريج عن مجاهد مثله.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (١٦٠) بسند ضعيف. [ويتقوى بالآثار التالية].
(١٠) أخرجه ابن جرير (٣٩٦).
(١١) وأخطا ناسخ (ن) فجعل قول عطاء الخراساني السابق قولًا لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فكأن نظره انتقل أثناء النسخ.
(١٢) أخرجه ابن جرير (٣٩٧) وسنده صحيح.
(١٣) من (ل) و (ن).