للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما كان ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فإنه مدني.

ومنهم من يقول: إن بعض السور نزل مرتين: مرة بالمدينة ومرة بمكة، والله أعلم. ومنهم من يستثنى من المكي آيات، يدعى أنها من المدني، كما في سورة الحج وغيرها.

والحق في ذلك ما دل عليه الدليل الصحيح، فالله أعلم.

وقال أبو عبيد (١): حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة قال: نزلت بالمدينة سورةُ البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا (٢)، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر والممتحنة، والحواريون (٣)، والتغابن، و ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق] و ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ﴾ [التحريم] والفجر، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ [الليل] و ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر] و ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البينة] (٤) و ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ﴾ [الزلزلة] و ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾ [النصر]. وسائر ذلك بمكة.

هذا إسناد صحيح عن ابن أبي طلحة مشهور، وهو أحد أصحاب ابن عباس الذين رووا عنه التفسير.

وقد ذكر في المدني سورًا في كونها مدنية نظر.

(وفاته) (٥) الحجرات والمعوذات.

[الحديث الثاني]

وقال البخاري: حدثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدثنا معتمرٌ، قال: سمعتُ أَبِي، عن أبي عثمان، قال: أُنبئتُ أَنَّ جبريلَ أتى النَّبيَّ وعنده أمُّ سلَمَةَ فجعل يتحدَّثُ، فقال النبَّي : "من هذا؟ " أو كما قال، قالت: هذا دِحْيَةُ، فلمَّا قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة النبي بخبر جبريل أو كما قال.

قال أُبي (٦): فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ قال: من أسامة بن زيد .

وهكذا رواه أيضًا في "علامات النبوة (٧) " عن عباس بن الوليد النرسي، ومسلم في "فضائل أم سلمة" عن عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الأعلى كلُّهم عن معتمر بن سليمان به.

والغرضُ من إيراده هذا الحديثَ ههنا أنَّ السفيرَ بين الله وبين محمد جبريلُ ، وهو مَلكٌ كريمٌ، ذو وَجَاهةٍ وجلالةٍ ومكانةٍ، كما قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)[الشعراء] وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢)﴾ الآيات [التكوير].


(١) في "الفضائل" (ص ٢٢١).
(٢) يعني: سورة محمد .
(٣) يعني: سورة الصف.
(٤) سقط من (أ) و (ط).
(٥) في (أ): "وما به".
(٦) القائل: هو معتمر بن سليمان.
(٧) من "صحيحه" (٦/ ٦٢٩ - فتح).
وأخرجه أيضًا في "فضائل القرآن" (٩/ ٣)؛ ومسلم (٢٤٥١/ ١٠٠) من طرق عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد. وعند مسلم زيادة في أوله.