للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هريرة قال: كان يعرض على النبي القرآن كل عام مرةً، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرًا؛ فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه.

ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من غير وجه عن أبي بكر - وهو ابن عياش - عن أبي حصين واسمه عثمان بن عاصم به.

والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدًا واستثباتًا وحفظًا.

ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره (اقتراب أجله) (١) على جبريل مرتين وعارضه به جبريل كذلك، ولهذا فهم اقتراب أجله.

وعثمان جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة وأرضاه، وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه. ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة في تلاوة القرآن، كما تقدم ذكرنا لذلك.

القراء من أصحاب النبي -

حدثنا (٢) حفص بن عمر، حدّثنا شعبة، عن عمرو، عن إبراهيم، عن مسروق ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي يقول: "خذوا القرآن من أربعة: عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأُبي بن كعب ".

وقد أخرجه (٣) البخاري في "المناقب" في غير موضع، ومسلم والنسائي من حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق به.

فهؤلاء أربعة: اثنان من المهاجرين الأولين: عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين، وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي (في) (٤) المدينة، واثنان من الأنصار: معاذ بن جبل وأُبي بن كعب، وهما سيدان كبيران أجمعين.

ثم قال (٥): حدثنا عمر بن حفص، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدّثنا شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من فِي رسول الله بضعًا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون فما سمعت رادًا يقول غير ذلك.


(١) ساقط من (أ) و (ط) و (ل) وهي زيادة قلقة، وإن كان لها وجه في الكلام.
(٢) البخاري في "فضائل القرآن" (٩/ ٦٤).
(٣) أخرجه البخاري (٧/ ١٠٢)؛ ومسلم (٢٤٦٤/ ١١٦، ١١٧).
(٤) ساقط من (أ).
(٥) البخاري في "الفضائل" (٩/ ٤٦، ٤٧).
وأخرجه مسلم (٢٤٦٢/ ١١٤)؛ والنسائي (٨/ ١٣٤) وفي "الفضائل" (٢٢)؛ وأحمد (١/ ٤١١)؛ وابن أبي داود في "المصاحف" (ص ١٥) من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود وتقدم طرق أخرى لهذا الحديث.