للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ ص

وهي مكية

﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (٣)﴾.

أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ههنا.

وقوله تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ أي: والقرآن المشتمل على ما فيه ذكر للعباد ونفع لهم في المعاش والمعاد قال الضحاك في قوله تعالى: ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ (١) [الأنبياء: ١٠] أي: تذكيركم وكذا قال قتادة (٢) واختاره ابن جرير.

وقال ابن عباس وسعيد بن جبير وإسماعيل بن أبي خالد وابن عيينة وأبو حصين وأبو صالح والسدي: ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ ذي الشرف (٣)؛ أي: ذي الشأن والمكانة، ولا منافاة بين القولين فإنه كتاب شريف مشتمل على التذكير والإعذار والإنذار.

واختلفوا في جواب هذا القسم فقال بعضهم هو قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)[ص].

وقيل: قوله تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤)[ص]، حكاهما ابن جرير [وهذا الثاني فيه بُعد كبير وضعفه ابن جرير] (٤).

وقال قتادة: جوابه: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢)(٥) واختاره ابن جرير ثم حكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنه قال جوابه ﴿ص﴾ بمعنى صدق حق ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ وقيل: جوابه ما تضمنه سياق السورة بكمالها والله أعلم.

وقوله : ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢)﴾ أي: إن في هذا القرآن لذكرًا لمن يتذكر وعبرة لمن يعتبر وإنما لم ينتفع به الكافرون لأنهم ﴿فِي عِزَّةٍ﴾ أي: استكبار عنه وحمية


(١) أخرجه الطبري بسند فيه إبهام شيخه.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق مسعر عن أبي حصين، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل عن أبي صالح، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق إسباط عن السدي.
(٤) زيادة من (حم) و (مح).
(٥) أخرجه الطبري بالإسناد الصحيح المتقدم بلفظ: "ههنا وقع القسم".