للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قتادة: أرادوا أن يكون لعقبهم من بعدهم (١).

وعن سلمان الفارسي: عظة لنا ولمن بعدنا (٢). وقيل: كافية لأولنا وآخرنا ﴿وَآيَةً مِنْكَ﴾ أي: دليلًا تنصبه على قدرتك على الأشياء وعلى إجابتك لدعوتي، فيصدقوني فيما أبلغه عنك، ﴿وَارْزُقْنَا﴾ أي: من عندك رزقًا هنيئًا بلا كلفة ولا تعب ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤)

﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ﴾ أي: فمن كذب بها من أمتك يا عيسى وعاندها، ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)﴾ أي: من عالمي زمانكم، كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: ٤٦]، وقوله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: ١٤٥].

وقد روى ابن جرير من طريق عوف الأعرابي، عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو قال: إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون (٣).

[ذكر أخبار رويت عن السلف في نزول المائدة على الحواريين]

قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا القاسم: حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن ليث، عن عقيل، عن ابن عباس أنه كان يحدث عن عيسى أنه قال لبني إسرائيل: هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يومًا، ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم، فإن أجر العامل على من عمل له، ففعلوا ثم قالوا: يا معلم الخير، قلت لنا: إن أجر العامل على من عمل له، وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يومًا ففعلنا، ولم نكن نعمل لأحد ثلاثين يومًا إلا أطعمنا حين نفرغ طعامًا، فهل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؛ قال عيسى: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)﴾ قال: فأقبلت الملائكة تطير بمائدة من السماء عليها سبعة أحوات، وسبعة أرغفة حتى وضعتها بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم (٤)، كذا رواه ابن جرير، ورواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب قال: كان ابن عباس يحدث، فذكر نحوه (٥).

وقال ابن أبي حاتم أيضًا: حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أبو زرعة وهبة الله بن راشد، حدثنا عقيل بن خالد أن ابن شهاب أخبره عن ابن عباس أن عيسى ابن مريم قالوا له:


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند فيه إبراهيم بن عمر الصنعاني ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه (الجرح ٢/ ١١٤).
(٣) أخرجه الطبري من طرق ثلاث عن عوف به، وسنده حسن.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده الحسين وحجاج وكلاهما فيهما مقال، وكلاهما توبع كما سيأتي في رواية ابن أبي حاتم فيكون السند حسنًا لغيره، والرواية من الإسرائيليات المسكوت عنها.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده بنحوه، وسنده صحيح.