للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومأجوج، [ونزول] (١) عيسى ابن مريم والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق - أو تحشر - الناس تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا" (٢).

وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث فرات القزاز به. ورواه مسلم أيضًا من رواية عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري موقوفًا (٣)، واللّه أعلم.

فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص، وأبي أمامة والنواس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومجمع بن جارية وأبي سريحة حذيفة بن أسيد ، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه من أنه بالشام بل بدمشق عند المنارة الشرقية، وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح، وقد بثيت في هذه الأعصار في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة منارة للجامع الأموي بيضاء من حجارة منحوتة عوضًا عن المنارة التي هدمت بسبب الحريق المنسوب إلى صنيع النصارى - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - وكان أكثر عمارتها من أموالهم، وقويت الظنون أنها هي التي ينزل عليها المسيح عيسى ابن مريم ، فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية، فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين، وهذا إخبار من النَّبِيّ بذلك وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان، حيث تنزاح عللهم وترتفع شبههم من أنفسهم، ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى وعلى يديه، ولهذا قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩)[النساء: ١٥٩] وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ [الزخرف: ٦١] وقرئ (لعَلَم) (٤) بالتحريك؛ أي: أمارة ودليل على اقتراب الساعة، وذلك لأنَّهُ ينزل بعد خروج المسيح الدجال فيقتله الله على يديه، كما ثبت في الصحيح: "أن الله لم يخلق داء إلا أنزل له شفاء" (٥)، ويبعث الله في أيامه يأجوج ومأجوج فيهلكهم الله تعالى ببركة دعائه، وقد قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ [الأنبياء: ٩٦، ٩٧].

[صفة عيسى ]

قد تقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة: "فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبان ممصران، كان رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل وفي حديث النواس بن سمعان: "فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعًا كفيه على


(١) كذا في المسند، وفي النسخ الثلاث: "خروج".
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ٦)، وسنده صحيح.
(٣) صحيح مسلم، الفتن، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة (ح ٢٩٠١).
(٤) وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٥) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (الصحيح، الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ح ٥٦٧٨).