للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"نعم" فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)[النساء] قال: "حسبك الآن" فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه من رواية الأعمش به.

ووجه الدلالة ظاهر.

وكذا الحديث الآخر: "اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا" (١).

في كم يقرأ القرآن؟ وقول الله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾

حدثنا (٢) علي، حدثنا سفيان قال: قال لي ابن شبرمة: نظرت كم يكفي الرجل من القرآن؟ فلم أجد سورةً أقل من ثلاث آيات. فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات.

قال سفيان (٣): أخبرنا منصورٌ عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد أخبره علقمة، عن أبي مسعود فلقيته وهو يطوف بالبيت، فذكر النبي أن: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه".

وقد تقدم أن هذا الحديث متفق عليه.

وقد جمع البخاري فيما بين عبد الرحمن بن يزيد وعلقمة، عن أبي مسعود، وهو صحيح؛ لأن عبد الرحمن سمعه أولًا من علقمة، ثم لقي أبا مسعود وهو يطوف فسمعه منه.

وعلي هذا هو ابن المديني وشيخه: سفيان بن عيينة، وما قاله عبد الله بن (شبرمة) (٤) فقيه الكوفة في زمانه استنباط حسن.

وقد جاء في حديث في "السنن" (٥): "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات" ولكن هذا الحديث أعني حديث أبي مسعود أصح وأشهر وأخص، ولكن وجه مناسبته للترجمة التي ذكرها البخاري (٦) فيه نظر، والله أعلم.


(١) يأتي تخريجه.
(٢) البخاري في "الفضائل" (٩/ ٩٤).
(٣) قائل ذلك هو علي ابن المديني، ووقع هذا صريحًا في سائر روايات "الصحيح"، إلا رواية أبي ذر، فلم يذكر علي ابن المديني، والله أعلم.
(٤) في (أ): "الكوفة"!!
(٥) كذا قال ابن كثير : "السنن" وهذا يعني الأربعة، ولم أجد الحديث فيها ولا في أحدها، إنما أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٦٨٧) من طريق عمر بن يزيد المدائني، عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعًا: "لا تجزئ في المكتوبة إلا بفاتحة الكتاب، وثلاث آيات فصاعدًا".
وأخرجه ابن الجوزي في "الواهيات" (١/ ٤١٩) من طريق ابن عدي وقال: "هذا حديث لا يصح، ومحمد بن معاوية قال محمد بن عبد الله الحضرمي، لا نريده كان واقفيًا. وعمر بن يزيد انفرد بما لا يرويه غيره". اهـ والصواب إعلاله بعمر بن يزيد، فقد قال ابن عدي: "منكر الحديث".
وما أورده ابن عدي في ترجمته يدل على وهائه. والله أعلم.
(٦) كذا قال المصنف ، وتعقبه الحافظ في "الفتح" (٩/ ٩٥) فقال: "وقد خفيت مناسبة حديث أبي مسعود بالترجمة على ابن كثير، والذي يظهر أنها من جهة أن الآية المترجم بها تناسب ما استدل به ابن عيينة من =