للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُورَة نُوحٍ

وهي مكية

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١) قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن نوح أنه أرسله إلى قومه آمرًا له أن ينذرهم بأس الله قبل حلوله بهم، فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم. ولهذا قال تعالى: ﴿أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١) قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢)﴾ أي: بين النذارة ظاهر الأمر واضحه،

﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ﴾ أي: اتركوا محارمه واجتنبوا مآثمه ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ فيما آمركم به وأنهاكم عنه

﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ أي: إذا فعلتم ما آمركم به وصدقتم ما أرسلت به إليكم غفر الله لكم ذنوبكم، ومن -ههنا- قيل إنها زائدة، ولكن القول بزيادتها في الإثبات قليل، ومنه قول بعض العرب: قد كان من مطر، وقيل: إنها بمعنى عن تقديره يصفح لكم عن ذنوبكم، واختاره ابن جرير.

وقيل: إنها للتبعيض؛ أي: يغفر لكم الذنوب العظيمة التي وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي: يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لم تجتنبوا ما نهاكم عنه أوقعه بكم.

وقد يستدل بهذه الآية من يقول: إن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة كما ورد به الحديث: "صلة الرحم تزيد في العمر" (١) وقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي: بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة فإنه إذا أمر تعالى بكون ذلك لا يرد ولا يمانع، فإنه العظيم الذي قد قهر كل شيء، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات.


(١) أخرجه الطبراني من حديث أبي أُمامة وأطول (المعجم الكبير ٨/ ٣١٢ ح ٨٠١٤)؛ وحسنه المنذري (الترغيب والترهيب ١/ ٦٧٩)؛ وحسنه الهيثمي (مجمع الزوائد ٣/ ١١٨) وله شاهد فىِ الصحيحين بلفظ: "من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أجله فليصل رحمه" تقدم تخريجه في تفسير سورة الإسراء آية ٢٦.